وكي1"، مثل: "سررت من أن الناشئ راغب في العلم، حريص على أن يزداد منه، لكي يبني مجده، ويرفع شأن بلاده"، فيصح حذف الجار قبل كل حرف من الثلاثة، فتصير الجملة: "سررت أن الناشئ ... حريص أن يزداد ... كي يبني ... " فالمصادر التي تؤول في العبارات السالفة من الحرف المصدري وصلته، تكون مجرورة على التوالي بالحرف: "من" فالحرف: "على"، فالحرف: "اللام" ولا داعي لأن يكون المصدر المؤول في محل نصب على نزع الخافض - كما يرى فريق - لأن حرف الجر المحذوف ملاحظ هنا بعد حذفه، والمعنى قائم على اعتباره كالموجود، فهو محذوف بمنزلة المذكور؛ ولأن النصب على نزع الخافض خروج على الأصل السائد الغالب، فلا نلجأ إليه مختارين.
وهذا الحذف القياسي لا يصح إلا عند أمن اللبس2 كما في الأمثلة السالفة، وفي قول الشاعر:
ولا عار أن زالت عن الحر نعمة ... ولكن عارًا أن يزول التجمل
والأصل: "في أن زالت ... - في أن يزول ... " فإن خيف اللبس لا يصح الحذف؛ ففي مثل: "رغبت في أن يفيض النهر"، لا يصح حذف حرف الجر: "في" فلا يقال: رغبت أن يفيض النهر؛ إذ لا يتضح المراد بعد الحذف؛ أهو: رغبت في أن يفيض النهر، إذ لا يتضح المراد بعد الحذف، أهو: رغبت في أن يفيض النهر، أم رغبت عن أن يفيض ... ، والمعنيان متعارضان متناقضان، لعدم معرفة الحرف المحذوف المعين، وخلو الكلام من قرينة تزيل اللبس، ومثل هذا: انصرفت عن أن أقرأ المجلة، فلا يجوز حذف الجار؛ لأن حذفه يؤدي إلى أن تصير الجملة: انصرفت أن أقرأ المجلة، فلا ندري المقصود، أهو: انصرفت إلى أن أقرأ ... ، أم انصرفت عن أن أقرأ....، والمعنيان متناقضان، ولا قرينة تزيل اللبس3.....