سابعها: أن يتقدم - أحيانًا - على المفعول به؛ كالأمثلة السابقة، وكقول الشاعر:
وإذا أراد الله امرًا لم تجد ... لقضائه ردًّا ولا تحويلًا
ولهذا التقدم أحوال ثلاث؛ فقد يكون واجبًا، وقد يكون ممنوعًا، وقد يكون جائزًا.
أ- فيجب الترتيب بتقديم الفاعل وتأخير مفعوله في مواضع، أشهرها:
1- خوف اللبس الذي لا يمكن معه تمييز الفاعل من المفعول به؛ كأن يكون كل منهما اسمًا مقصورًا؛ نحو: ساعد عيسى يحيى، أو مضافًا لياء المتكلم؛ نحو: كرم صديقي أبي1، فلو تقدم المفعول به على الفاعل لخفيت حقيقة كل منهما، وفسد المراد بسبب خفائها؛ لعدم وجود قرينة تزيل هذا الغموض2، واللبس. فإن وجدت قرينة لفظية أو معنوية تزيله لم يكن الترتيب واجبًا، فمثال اللفظية: أكرمت يحيى سعدى، فوجود تاء التأنيث في الفعل دليل على أن الفاعل هو المؤنث "سعدى"، ومثل: كلم فتاه يحيى؛ لأن عودة الضمير على "يحيى" دليل على أنه الفاعل، وأنه متقدم في الرتبة3، برغم تأخره في اللفظ، "ولهذا يسمى المتقدم حكمًا، ولم يكن معولًا به لكيلا يعود الضمير على شيء متأخر في اللفظ والرتبة؛ وهذا
أمر لا يساير الأساليب الصحيحة التي تقضي بأن الضمير لا بد أن يعود على متقدم في الرتبة، إلا في بعض مواضع 4 معينة، ليس منها هذا الموضع.
ومثال المعنوية: أتعبت نعمى الحمى، فالمعنى يقتضي أن تكون "الحمى" هي الفاعل؛ لأنها هي التي تتعب "نعمى"، لا العكس.