وأما الأخرى: "ثَمّ" فاسم إشارة إلى المكان البعيد؛ مثل: تأمل النجوم فثَم الجلال والعظمة. وهي1 كسابقتها ظرف مكان لا يتصرف، إلا أن "ثَمَّ" للبعيد خاصة، ولا تلحقها "ها" التنبيه" ولا كاف الخطاب، وهما اللذان قد يلحقان نظيرتها. وقد تلحقها -دون نظيرتها- تاء التأنيث المضبوطة -غالبًا- بالفتح؛ فيقال ثَمَّة2.
ومما تقدم نعلم أن المكان باعتباره وعاء، أيْ: ظرفًا -يقع فيه أمر من الأمور ومعنى من المعنى- قد اختص وحده باسمين من أسماء الإشارة؛ فلا يشار إليه باعتباره وعاء وظرفا إلا بواحد منهما. ومن أجل هذا كانا في محل نصب على الظرفية3 لا يفارقها أحدهما إلا إلى الجر بمن أو إلى. أما بقية أسماء الإشارة فتصلح لكل مشار إليه، مكانًا أوغير مكان. إلا أن المشار إليه إذا كان مكانًا فإنه لا يعتبر ظرفًا؛ مثل هذا المكان طيب، وتلك بقعة جميلة، فكل واحدة من كلمتى: "مكان"، و"بقعة" مشار إليه، دال على المكان، ولكنه لا يسمى ظرفًا.