"من شيء" "من" حرف جر زائد، و"شيء" فاعل مرفوع بضمة مقدرة؛ منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد. هذا إن وجد الحر: "من"؛ فإن لم يوجد فالفاعل مرفوع مباشرة، على اعتبار: "يكن" فعلا مضارعا تاما1 في الحالتين -وهذا هو الأسهل. أما على اعتباره ناسخا فكلمة: "شيء" اسمه، وخبره محذوف تقديره: "موجودا"، والجملة الشرطية خبر "مهما"2. "فالمخترع" "الفاء" داخلة على جواب الشرط، و "المخترع" مبتدأ، و "عالم" خبره، والجملة من المبتدأ وخبره في محل جزم جواب الشرط: "مهما".
وهناك إعرابات أخرى نكتفي بالتلميح إليها دون الإطالة بذكرها؛ لسهولتها وجريانها على مقتضى القواعد العامة.
وليس من اللازم أن تكون: "أما" الشرطية في كل استعمالاتها قائمة مقام: "مهما يكن شيء أو من شيء" بهذا التبعير الحرفي؛ فمن الجائز -في أساليب أخرى- أن تقوم مقام تعبير شرطي آخر مناسب للسياق وللمعنى والمراد؛ كقولهم في الرد على من يشك في علم شخص أو شجاعته: "أما العلم فعالم"، و"أما الشجاعة فشجاع" ... بنصب كلمتي: "العلم، والشجاعة"، على تقدير: مهما ذكرت العلم ففلان عالم ... -مهما ذكرت الشجاعة ففلان شجاع. بل إن هذا التقدير أحسن على اعتبار هذه الأسماء المنصوبة مفعولا به للفعل: "ذكرت"، ونحوه3.
2- وجوب اقتران جوابها بالفاء الزائدة للربط المجرد4؛ فليست للعطف ولا لغيره. ومع أنها زائدة للربط لا يجوز حذفها إلا إذا دخلت على معقول محذوف؛ فيغلب حذفها معه، حتى قيل إنه واجبن كقوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} والأصل: فيقال لهم: أكفرتم ... ، وفي غير هذه