2- ما يختص بهما من ناحية رفع المضارع في الجواب وجزمه:
الأصل أن يكون المضارع في الجواب مجزوما. لكن يصح جزمه ورفعه إن كان فعل الشرط ماضيا لفظا ومعنى، أو معنى فقط؛ كالمضارع المجزوم بلم، فكلا الضبطين حسن، ولكن الجزم أحسن -كما أشرنا-1 وقد سبقت أمثلة الجزم. ومن أمثلة الرفع قول الشاعر يمدح:
وإن أتاه خليل يوم مسغبة ... يقول: لا غائب مالي، ولا حرم2
وقول المتغزل:
إن رأتني تميل عني كأن لم ... يك بيني وبينها أشياء
وقولهم: من لم يتعود الصبر تودي3 به العوادي.
فإن كان فعلا الشرط والجزاء مضارعين لفظا ومعنى وجب جزمهما إلا على رأي ضعيف يجيز رفع المضارع الوقاع جوابا في النثر وفي الظلم؛ مستدلا بقراءة من قرأ قوله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} برفع المضارع "يدرك"، ويقول الشاعر:
يا أقرع بن حابس يا أقرع ... إنك إن يصرع أخوك تصرع
وقول الآخر يخاطب جمله:
فقلت: تحمل فوق طوقك إنها ... مطبعة، من يأتها لا يضيرها4
والأفضل إهمال هذا الرأي قدر الاستطاعة، منعا للخلط واللبس، ولأن ذلك الاستدلال واه؛ فرواية القراءة المذكورة موضع شك، وبقية الأمثلة قليلة، فوق أنها مقصورة على الشعر؛ ولذا قال بعض النحاة: إنه لا يصح الرفع مطلقا إلا في الضرورة الشعرية.