ثالثها ورابعها: "لم، ولما" الجازمتان1:
ويشتركان في أمور، منها: أن كلا منهما حرف نفي. مختص بجزم مضارع واحد، وبنفي معناه، وبقلب زمنه من الحال والاستقبال إلى الزمن الماضي2، وقد تدخل همزة الاستفهام -ولا سيما التقريري-3 على هذا الحرف، فلا تغير عمله. ومن الأمثلة قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} 4، وقوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} ، وقوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} .
ومثل: حضر الرحالة ولما تحضر رفاقه، وأقبل الناس على تهنئته، ولما يسمعوا منه وصف رحلته، ومثل: أيها الفتى، ألما تترك عبث الغلمان وقد كبرت؟ ألما تقبل على عملك والوطن ينتظر منك الجد والإخلاص؟
لما سبق يقول النحاة في كل واحد منهما عند إعرابه إنه: "حرف نفي، وجزم، وقلب". ثم هم يقررون أن المضارع بعدهما مضارع في لفظه وفي إعرابه، لكنه ماض في زمن معناه، سواء أكان مضيه متصلا بالحال أم غير متصل.