"لا" النافية محل "لا" الناهية1 التي حذفت، وحل محلها الحرفان قبل المضارع المنصاب. وهذا الحذف والإحلال لازمان حين تكون أداة الطلب "لا" الناهية". فإن كانت الأداة الطلبية نوعا آخر كفعل الأمر، أو الدعاء، أو غيرهما من الأدوات الاسمية والفعلية والحرفية وجب أن يستقيم المعنى بالاستغناء عن أداة الطلب وإحلال "إن" الشرطية هذه محلها، فتدخل وحدها على المضارع الذي دخلت عليه الأداة السابقة، إن وجد مضارع مذكور. وإن لم يوجد أتينا بعدها، أو بدلا منها2 -على حسب نوع الأداة- بمضارع مناسب نتصيده في مكانه، ويوافق المراد.
وليس الغرض من مجيء "إن" "بالصورة السالفة قبل "لا" الناهية أو قبل غيرها من باقي أنواع الطلب" بقاءها واستمرارها، وإحداث أسلوب جديد يبقى ويستمر مع إهمال الأول، وإنما المراد استخدامها بصورة مؤقتة أو تخيلية؛ لترشدنا إلى صحة الجزم أو عدم صحته، تبعا لسلامة المعنى أو فساده؛ فليست إلا مجرد أداة للاختيار المؤدي لغرض خاص. من غير أن يكون لها أثر نحوي أو معنوي آخر. فإذا ما تحقق الغرض زالت. وبقي الأسلوب الأول "الذي كان قبل مجيئها" على حالته اللفظية والمعنوية، ولا اعتبار لغيره.
فمتى اجتمعت الشروط الثلاثة جاز الجزم، فمثال الجزم بعد الأمر قولهم: "أفضل على من شئت تكن أميره، واستغن عمن شئت تكن نظيره. واحتج إلى من شئت تكن أسيره". وقولهم: "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء". والتأويل: إن تفضل على من شئت تكن أميره، وإن تستغن تكن ... ، وإن تحتج تكن ... ، إن ترحموا من في الأرض يرحمكم3 ...