. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لغيابك. تريد: لن أراك في المستقبل1 ... فأنا أودعك الآن. فالنفي في المثالين السالفين مقصور على الجملة الأولى وحدها، والفاء فيهما للاستئناف المجرد.
2- الرفع على اعتبار "الفاء" متجردة للعطف المحض، تعطف المضارع بعدها على المضارع المنفي قبلها، وفي هذه الصورة يتحتم أن يكون المعطوف كالمعطوف عليه في الإعراب "رفعا، ونصبا، وجزما" وأن يكون مثله في النفي الذي يقع عليه، ففي المثال السابق يكون التقدير: ما تحضر فما تحدثنا، أي: ما يحصل منك حضور في المستقبل، فما يحصل منك تحديث فيه، فالفعلان مرفوعان، ومنفيان، وزمنهما مستقبل محض؛ للسبب الذي في الوجه السالف. ولو قلنا: لن تحضر فتحدثنا ... لكان المضارعان منصوبين ومنفيين، ومستقبلين كذلك1. ولو قلنا: ألم تحضر فتحدثنا ... لكانا مجزومين ومنفيين أيضا2؛ فالثاني تابع للأول في إعرابه، وفي نفيه؛ كما نرى3. والعطف هنا عطف الفعل مضارع وحده -دون فاعله- فالعطف عطف مفردات. لا عطف جمل4 ...
3- الرفع على اعتبار الجملة الأولى كلها منفية و "الفاء" متجردة للعطف المحض -كما سبق- ولكنها تعطف الجملة المضارعية كلها على الجملة المضارعية السابقة -ولا تعطف المضارع وحده على نظيره السابق- وفي هذه الصورة يستقل المضارع بعد الفاء بإعرابه وضبطه، ولا يتبع فيه الأول، وتكون الجملة الثانية معطوفة على الأولى، منفية مثلها أو غير منفية على حسب ما يقتضيه المعنى، وتدل عليه القرائن فيصح أن يكون المعنى في المثال السالف: ما تحضر في المستقبل فما تحدثنا في المستقبل؛ لأن الحضور لن يحصل. فلن يحصل الحديث. ويصح أن يكون المراد: ما تحضر في المستقبل؛ فأنت تحدثنا الآن؛ ليكون تحديثك الحالي تعويضا عن فقده في المستقبل. وفي هذه الصورة يتمحض العطف للربط المجرد بين الجملتين حتما. ولكنه لا يقتضي تسرب النفي من الأولى إلى الثانية اقتضاء واجبا، فقد يتسرب منها إلى الثانية، أو لا يتسرب، على حسب القرائن.