. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولهم فى اسم الجنس الجمعيّ -من ناحية أنه جمع تكسير، أوأنه قسم مستقل بنفسه- آراء متضاربة ومجادلات عنيفة؛ لا خير فيها، وإنما الخير فى الأخذ بالرأى القائل: إنه جمع تكسير1. وهو رأي فيه سداد، وتيسير، ولن يترتب على الأخذ به مخالفة أصل من أصول اللغة، أو خروج على قاعدة من قواعدها، وأحكامها السليمة.
هذا من جهة الجمع أوعدمه. بقي الكلام فى المراد من: "اسم الجنس" والمعنى الدقيق له. وفيما يلي إشارة موجزة إليهما2:
إن كلمة مثل كلمة: "حديد" تدل على معنى خاص؛ هو: تلك المادة المعروفة، وذلك العنصر المفهوم لنا. فمن أين جاء لنا فهمه؟ وكيف وصل العقل إلى انتزاع المعنى وإقراره فى باطنه؟
رأينا قطعة من الحديد أول مرة، ثم قطعة أخرى بعد ذلك، ثم ثالثة، فرابعة، فخامسة، ... ولم نكن نعرف الحديد، ولا اسمه، ثم استعملنا تلك القطَع فى شئوننا، وعرفنا بالاستعمال المتكرر بعض خواصها الأساسية؛ وإذا رأينا بعد ذلك قطعًا من صنفها فإننا نعرفها، ولا تكون غريبة على عقولنا، ونشعر بحاجة إلى اسم نسمي به هذا الصنف ...
فإذا رأينا بعد ذلك قطعة من جنس آخر "أي: من صنف آخر" كالذهب، ولم نكن استعملناه فى شئوننا -وعرفنا بالاستعمال بعض خواصها الذاتية؛ فلا شك أننا سنحتاج إلى اسم يميز هذا الجنس من سابقه، بحيث إذا سمعنا الاسم ندرك منه المراد، ونتصور معناه تصورًا عقليًّا من غير حاجة إلى رؤية تلك القطَع والنماذج؛ فوضَعْنا للجنس الأول اسمًا هو: "الحديد"، ووضعنا للجنس الثانى اسما يخالفه هو: "الذهب". فالحديد اسم لذلك الجنس "الصنف المعروف"، وكذلك "الذهب"، وغيرهما من أسماء الأجناس ... وصرنا بعد ذلك حين نسمع كلمة: "الذهب" أو"الحديد" ندرك المراد منها إدراكًا عقليًّا بحتًا، فيقفز إلى ذهننا مباشرة مدلولها الخاص، من غير ربط -فى الغالب3- بينها وبين شىء آخر من عنصرها، ومادتها، أومن غيرهما. وهذا الفهم العقلي المحض هوما يعبر