وتشتمل المتأخرة على "محذر منه" وبين الجملتين واو العطف؛ تعطف الجملة الثانية على الأولى؛ فيكون العطف عطف جمل، لا مفردات1 ...
النوع الخامس: صورة تشتمل على ذكر المحذر ضميرا منصوبا للمخاطب، هو: "إياك"2 وفروعه. وبعده "المحذر منه"، اسما مسبوقا بالواو -دون غيرها- أو غير مسبوق بها، أو مجرورا بالحرف: "من". فلا بد في هذا النوع من ذكر "المحذر" ضميرا معينا، ثم "المحذر منه". فمثال المسبوق بالواو قول الأعرابية لابنها: "إياك والجود بدينك، والبخل بمالك ... ". وقولهم: إياكم والدين؛ فإنه هم بالليل، ومذلة بالنهار. ومثال غير المسبوق بها قولهم: "إياكم تحكيم الأهواء السيئة؛ فإن عاجلها ذميم، وآجلها وخيم. ومن أمات هواه أحيا كرامته". وقول الشاعر:
إياك إياك المراء3؛ فإنه ... إلى الشر دعاء، وللشر جالب
ومثال المجرور بمن قولهم: "إياك من مؤاخاة الأحمق؛ فإنه يريد أن ينفعك فيضرك". وقولهم: "إياك من عزة الغضب الطائش؛ فإنها تفضي إلى ذلة الاعتذار المهين".
وحكم هذا النوع: وجوب ذكر المحذر منه بد الضمير "إياك" وفروعه، ووجوب نصب هذا الضمير4؛ باعتباره مفعولا به لفعل واجب المحذف مع مرفوعه، وتقديره: "أحذر"، والأصل: "أحذرك". ثم أريد تقدير: "الكاف" لداع بلاغي؛ هو: "إفادة الحصر"؛ فمنع من تقديمها أنها ضمير متصل لا يستقل بنفسه، ولا يوجد إلا في ختام كلمة أخرى. فلم يكن بد -عند إرادة تقديمه- من الاستغناء عنه، والإتيان بضمير آخر منصوب، له معناه، ويمتاز بأنه يستقل