النحو الوافي (صفحة 2021)

المسألة 135: الندبة

يتضح معناها مما يأتي:

1- قيل لأعرابي: "مات عثمان بن عفان اليوم ... " فصرخ: "واعثمان، واعثمان. أثابك الله وأرضاك؛ فلقد كنت عامر القلب بالإيمان، شديد الحرص على دينك، بارا بالفقراء، مقنعا بالحياء ... ".

2- وقيل لعمر -رضي الله عنه: أصابنا جدب شديد ... فصاح: واعمراه، واعمراه.

3- وقيل لفتى يتأوه: ما بك؟ فأمسك رأسه، وقال: وارأسي. وقيل الآخر: مالك تضع يدك على كبدك؟ فردد قول الشاعر:

فواكبدا من حب من لا يحبني ... ومن عبرات ما لهن فناء

4- وسئل غني افتقر: أين أعوانك وخدامك والمحيطون بك؟ فقال في أسف وحرارة: وافقراه.

ففي الأمثلة السابقة أساليب نوع من النداء يسمى: "الندبة"؛ ومنه: واعثمان، واعمراه، وارأسي، واكبدا، وافقراه ... ويقولون في تعريفها: "إنها نداء موجه للمتفجع عليه، أو للمتوجع منه"1. يريدون بالمتفجع عليه: من أصابته المنية، فحملت الناس على إظهار الحزن، وقلة الصبر؛ سواء أكانت الفجيعة حقيقة كالتي في المثال الأول: "واعثمان"، أم حكمية كالتي في المثال الثاني: "واعمراه" فإن عمر حين قال ذلك كان حيا، ولكنه بمنزلة من أصابه الموت؛ لشدة الألم، والهول الذي حل به2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015