النحو الوافي (صفحة 1961)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

يرجى لكل عظيم، ويا حليما لا يعجل. وقول الشاعر:

أدارا بحزوى هجت للعين عبرة ... فماء الهوى يرفض أو يترقرق

فالرجاء في الله وحلمه ثابتان قبل النداء، وكذلك قيام الدار ووجودها قبل أن يناديها الشاعر. فالنكرات المقصودة في الأمثلة السالفة وأشبابهها منصوبة. وقيل اكتسبت هي وصفتها التعريف بسبب النداء؛ لأن النداء حين جاء كانت الصفة والموصوف متلازمين مصطحبين، فأفادهما التعريف معا، وإن شئت فقل: إنه أكسب المنادى التعريف، وسرى هذا التعريف فورا من المنادى الموصوف إلى صفته، فالصفة هنا تتمة للمنادى؛ فهي بمنزلة المعمول من العامل. ومن أجلها انتقلت النكرة المقصودة1 إلى قسم الشبيه بالمضاف. وقيل إنها لا تنتقل للشبيه بالمضاف، ولكن يحسن فيها النصب.

أما إذا دلت القرينة الواضحة على أن وصف النكرة المقصودة كان بعد النداء فإن المنادى يجب -في الأغلب- بناؤه على الضم، ولا يصح نصبه، بالرغم من وجود صفة له. ذلك أن النداء حين دخل على النكرة المقصودة لم تكن موصوفة، فاستحقت البناء وجوبا. فإذا جاءت الصفة بعد ذلك فإنما تجيء بعد أن تم البناء على الضم وتحقق، فلا تكون مكملة للنكرة المقصودة التكميل الأصلي الذي يخرجها إلى قسم الشبيه بالمضاف، الواجب النصب. والمنادى في هذه الصورة إذ لا مانع في هذه الصورة من أن يوصف بالنكرة أو بما هو في حكمها -كالجملة- لأن تعريف الموصوف هنا طارئ غير أصيل2. والتعريف الطارئ على المنعوت لا يوجب في النعت المطابقة فيه. وإنما يجيزه، فمخالفة المطابقة في التعريف مغتفرة في هذه الصورة؛ "كما سيجيء"3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015