. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ب- وردت صيغ -كثيرة لاسم المكان، قليلة لاسم الزمان- من مصدر الثلاثي على وفاق القاعدة، ولكنها مختومة بتاء التأنيث للدلالة على تأنيث المعنى المراد من الكلمة؛ "إذ يقصد منها: البقعة، بمعنى المكان". فمما ورد في الكلام العربي الفصيح: "المَزِلَّة" بكسر الزاي لموضع الزلل، المظَنة بفتح الظاء1" لمكان الظن، المَشْرَقة "بفتح الراء" لموضع شروق الشمس والقعود فيها، موقَعَة الطائر "بفتح القاف" للمكان الذي يقع فيه، المشرَبة للغرفة، المدبغة، المزرعة، المزلقة، المنامة ... وكثير مثل هذا يزيد على المائة، ولكنه يكاد يقتصر على المكان. فهل يجوز القياس على هذا الوارد من المكان مرادًا منه: "البقعة"، بزيادة تاء التأنيث على صيغة "مفعَِل" التي هي بفتح العين أو بكسرها، لتصير "مفعَِلة" بفتح العين أو كسرها2 مع بقاء الدلالة على ما كانت عليه؟
اختلف قدماء النحاة في الرأي؛ فقليلهم يجيز القياس، وأكثرهم يميل -بغير داعٍ قوي- إلى المنع؛ لتوهمه أن هذا الكثير -المسموع المختوم بالتاء في صيغة اسم المكان- قليل لا يكفي للقياس عليه.
والحق أن الرأي الذي يبيح القياس عليه سديدٌ موفقٌ؛ إذ كيف يوصف الوارد من تلك الأمثلة المكانية بالقلة مع أنه يبلغ العشرات3؟ نعم؛ إنها قلة، ولكنها: "نسبية"، "أي: بالنسبة للصيغ الواردة من غير تاء التأنيث"، والقلة "النسبية" على هذا الوجه تبيح القياس العام، وتجيز المحاكاة من غير تقييد4، وإن كانت لا تبلغ في درجة القوة والفصاحة مبلغ الأولى5، فاختلاف الدرجة في القوة والفصاحة لا يمنع من صحة القياس والمحاكاة. ولا داعي للتضييق الذي لا يدفع عن اللغة أذى؛ ولا يجلب لها نفعًا. فالأنسب إباحة القياس في صيغة "مفعَِلة"