لا تضموها آكلين، {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} ، أي: من ينضاف في نصرتي إلى الله، {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} ، أي: أدعوك وأرشدك إلى أن تزكى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوه} ، أي: فلن تحرموه، فعدي إلى اثنين، {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} ، أي: لا تنووه، فعدي بنفسه لا بعلي، {لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى} ، أي: لا يصغون، فعدى بإلي، وأصله يتعدى بنفسه، ونحو: "سمع الله لمن حمده"، أي: استجاب، فعدي باللام، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} ، أي: يميز.
ومن هذا الفن في اللغة شيء كثير لا يكاد يحاط به.
ومن تضمين لفظ لفظًا آخر قوله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} إذ الأصل: أمن؟ حذف حرف الاستفهام واستمر الاستعمال على حذفه كما في "هل"، فإن الأصل أهل1؟ فإذا أدخلت حرف الجر فقدر الهمزة قبل حرف الجر في ضميرك؛ كأنك تقول: أعلى من تنزل الشياطين؟ كقولك: أعلى زيد مررت، وهذا تضمين لفظ لفظًا آخر1.
لقد ذكر أو البقاء عن بعض العلماء أن التضمين ليس من باب الكناية، ولا من باب الإضمار، بل من باب الحقيقة، إذا قصد بمعناه الحقيقي معنى آخر يناسبه ويتبعه في الإرادة.
ويؤخذ من هذا أنه لا بد من المناسبة، وإنما يعرف المناسبة أهل العربية الذين لهم دراية بالعربية وأسرارها.
وذكر عن بعضهم أن التضمين إيقاع لفظ موقع غيره، لتضمنه معناه، وهو نوع من المجاز.
وقال: التضمين سماعي لا قياسي، وإنما يذهب إليه عند الضرورة، أما إذا أمكن إجراء اللفظ على مدلوله، فإنه يكون أولى.
وذكر أمثلة لتضمين لفظ معنى لفظ آخر، ثم قال: "ومن هذا الفن في اللغة شيء كثير لا يكاد يحاط به".