ولو كانَتِ الأرزاقُ تجري على الحِجَا ... هلكنَ إذاً مِنْ جهْلِهِنَّ البَهائم1
لاَ أحْقِل المرءَ أَو تُقَدِّمَه ... شَتَّى خِلال أَشْفُّهَا أدَبُهُ2
وَلَسْتُ أَعْتدُّ لِلفَتى حَسَبا ... حَتَى يُرَى في فِعَالِه حَسَبُهُ3
رُبَّ أمرٍ تَتَّقِيه ... جرَّ أَمْراً تَرْتَجِيه4
خَفِيَ المحْبُوبُ مِنْه ... وبَدَا المكرُوهُ فِيهِ
قالوا رجوَت النَّدَى منْهُ بلا سبَب ... فقُلْتُ هَلْ سَبَبٌ أقْوَى منَ الكَرَم5
وسيلَتي أَنَّه غَيْثٌ وبي ظَمَأ ... وإن ظَمِئنا تَوسَّلنا إلى الدِّيَم6
لكل امرئ رَأيانِ رأيٌ يكفُّه ... عَن الشَّيءِ أحياناً ورأيٌ يُنازِع7
ومَنْ كانَتْ الدُّنيا هَواهُ وهمَّهُ ... سبتْه المُنى واستعبدته المَطَامِعُ8
أرَى المَالَ مِثْل المَاء يَخْبُثُ رَاكداً ... ويُزكيه الاسْتِعْمَالُ والأخْذُ والرد9
وقل قَطَعَ الصِّمْصَامُ في جَوْفِ غمْده ... وهَلْ طَابَ نَشراً قَبْلَ إحْرَاقِهِ النَّدُّ10
إذا أُلف الشيء اسْتَهَانَ بِهِ الفتى ... فَلمْ يَرَهُ بُؤْسى تُعَدُّ ولا نُعْمَى
كإنْفاقه مِنْ عُمْره ومَسَاغِهِ ... مِنْ الرِّيق عَذْباً لا يُحِس لَهُ طَعْما