أولا: يمكن أن يتصور صورة رابعة مع هذه الصور الثلاث، وهي تقدم الاسم على الناسخ، إذ يقال في "أصبح الجوُّ صحوًا" "الجوُّ أصبح صحوًا" وهذا أمر غير وارد هنا؛ لأن الجملة كلها تصير اسمية مكونة من مبتدأ هو كلمة "الجو" والخبر هو الجملة الناسخة، وقد جاءت مرتبة على الأصل، فهي بهذا الاعتبار من الصورة الأولى.
ثانيا: لم يرد في اللغة تقدم الخبر على الفعلين "ليس، دام" وهذا هو رأي جمهور النحاة، وفي المسألة حديث طويل لا حاجة إليه هنا.
ثالثا: إذا كان خبر المبتدأ مما يجب أن يتأخر عن المبتدأ، أو مما يجب تقدمه على المبتدأ، ثم دخل عليه الفعل الناسخ، فإنه يبقى له موضعه في الترتيب وجوبا، فالكلام هنا إذن إنما هو عن المبتدأ والخبر اللذين يصح فيهما التقدم والتأخر.
رابعا: هناك خلاف كثير متشعب حول ما إذا تقدم معمول الخبر، ويقصد به ما إذا كان الخبر فعلا أو اسما شبيها بالفعل وله مفعول، فجاء حينئذٍ بعد الفعل الناسخ مباشرة، مثل "بات الشرطيُّ مؤدّيًا واجبه" حيث يقال "بات واجِبَه الشرطيُّ مؤدِّيا" والحق أن هذا الخلاف لا فائدة فيه وأن تأويلات النحاة للنصوص التي وردت عنه تأويلات متكلفة، والذي أراه أن هذا الاستعمال يقبله الذوق اللغوي وبخاصة في الشعر، وأنه قد ورد في نصوص صحيحة لا داعي لإجهادها ذهنيا بالتأويل المتكلف، ومن ذلك:
- قول الشاعر:
باتت فؤاديَ ذاتُ الخالِ سالبةً ... فالعيشُ إن حُمَّ لي عيشٌ من العَجَبِ1