النحو المصفي (صفحة 222)

1- أن يكون الترتيب هو وسيلتنا الوحيدة لمعرفة المبتدأ والخبر، بأن نتعرف على المبتدأ بأنه قد جاء أولا، ونتعرف على الخبر بأنه قد جاء ثانيا.

ولا دليل لدينا غير ذلك، حينئذٍ يجب تقدم المبتدأ وتأخر الخبر؛ فإن الخبر لو تقدم، لأدى إلى ارتباك في تحديد وظائف الكلمات في الجملة الاسمية أو إلى ارتباك آخر باختلاط الجملة الاسمية بالفعلية، نقول: "الأصدقاءُ المخلصون" ويقول الرسول: "الدِّينُ المعاملةُ" فالكلمتان "الأصدقاءُ، الدين" مبتدآن، والكلمتان "المخلصون، المعاملة" خبران، ولو تقدم الخبر هنا لاختلط الأمر، إذ يمكن أن تكون حينئذٍ الكلمتان الأخيرتان هما الخبر، فيما لو قلت: "المخلصون الأصدقاء" أو قلت: "المعاملة الدين" والمتكلم لا يريد ذلك.

وينطبق هذا نفسه على قولنا: "الحق ينتصر، والباطل يندحر" إذ لو تقدم الخبر فقلنا: "ينتصر الحق، ويندحر الباطل" لأدى إلى اختلاط الجملة الاسمية بالفعلية، والمتكلم يقصد الأولى لا الثانية.

فإذا تعين الخبر بسياق الكلام -بحيث يمكن التعرف عليه تقدم أم تأخر- حينئذٍ لا يلتزم فيه تحديد موضعه، ومن ذلك الشواهد التالية:

- قول الكميت:

كلامُ النبيّين الهُدَاةِ كلامُنا ... وأفعالَ أهلِ الجاهليةِ نفعلُ1

- قول حسان بن ثابت يهجو:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015