هذا لم يكن ابن طولون وإنما طولون تبنّاه؛ قال أبو عبد الله محمد «1» بن أبى نصر الحميدىّ: قال بعض المضريين: إن طولون تبنّاه لما رأى فيه من مخايل النجابة. ودخل عليه يوما [وهو صغير «2» ] ، فقال: بالباب قوم ضعفاء فلو كتبت لهم بشىء! فقال [له «3» ] طولون: ادخل إلى المقصورة وأتنى بدواة؛ فدخل أحمد فرأى بالدّهليز جارية من حظايا طولون قد خلا بها خادم، فأخذ أحمد الدواه وخرج ولم يتكلّم؛ فحسبت الجارية أنه يسبقها إلى طولون بالقول، فجاءت إلى طولون وقالت: إنّ أحمد راودنى الساعة فى الدهليز، فصدّقها طولون، وكتب كتابا لبعض خدمه يأمره بقتل حامل الكتاب من غير مشورة، وأعطاه لأحمد وقال: اذهب به إلى فلان؛ فأخذ أحمد الكتاب ومرّ بالجارية؛ فقالت له: إلى أين؟ فقال: فى حاجة مهمّة للأمير فى هذا الكتاب؛ فقالت:
أنا أرسله، ولى بك حاجة؛ فدفع إليها الكتاب فدفعته إلى الخادم المذكور، وقالت:
اذهب به إلى فلان؛ وشاغلت أحمد بالحديث، أرادت بذلك أن يزداد عليه الأمير طولون غضبا. فلما وقف المأمور على الكتاب قطع رأس الخادم وبعث به إلى طولون؛ فلما رآه عجب واستدعى أحمد وقال له: اصدقنى! ما الذي رأيت فى طريقك إلى المقصورة؟ قال: لا شىء؛ قال: اصدقنى وإلا قتلتك! فصدقه الحديث؛ وعلمت الجارية بقتل الخادم، فخرجت «4» ذليلة؛ فقال لها طولون:
اصدقينى فصدقته فقتلها؛ وحظى أحمد عنده.