بأرض قزوين، واقتتلا فانهزم الكوكبىّ ولحق بالدّيلم. وفيها توفى سرىّ السّقطىّ الشيخ أبو الحسن، واسمه السّرىّ بن المغلّس، وهو الزاهد العابد العارف بالله المشهور، خال الجنيد وأستاذه؛ كان أوحد أهل زمانه فى الورع وعلوم التوحيد، وهو أوّل من تكلّم بها فى بغداد، واليه ينتهى مشايخ الطريقة، كان علم الأولياء فى زمانه؛ صحب معروفا الكرخىّ وحدّث عن الفضيل بن عياض وهشيم وأبى بكر بن عيّاش وعلىّ بن غراب ويزيد بن هارون؛ وحدّث عنه أبو العباس بن مسروق والجنيد بن محمد وأبو الحسين النّورىّ. قال عبد الله بن شاكر عن السّرىّ قال:
صلّيت وقرأت وردى ليلة ومددت رجلى فى المحراب فنوديت: يا سرىّ، كذا تجالس الملوك! فضممت رجلى وقلت: وعزّتك وجلالك لا مددتها، وقيل: إن السرىّ رأى جارية سقط من يدها إناء فانكسر، فأخذ من دكّانه إناء فأعطاها [إيّاه «1» ] عوض المكسور؛ فرآه معروف فقال: بغّض الله اليك الدّنيا؛ قال السرىّ: فهذا الذي أنا فيه من بركات معروف.
قال الجنيد: سمعت السرىّ يقول: أحب أن آكل أكلة ليس لله علىّ فيها تبعة، ولا لمخلوق [علىّ «2» ] فيها منّة، فما أجد الى ذلك سبيلا! قال: ودخلت عليه وهو يجود بنفسه فقلت: أوصنى؛ قال: لا تصحب الأشرار ولا تشغلنّ عن الله بمجالسة الأخيار. وعن الجنيد يقول: ما رأيت لله أعبد من السرىّ، أتت عليه ثمان وتسعون سنة مارئى مضطجعا إلا فى علّة الموت. وعن الجنيد: سمعت السرىّ يقول: إنى لأنظر إلى أنفى كلّ يوم مرارا مخافة أن يكون وجهى قد اسودّ. قال: وسمعته يقول: ما أحبّ أن أموت حيث أعرف، أخاف ألّا تقبلنى الأرض فأفتضح.