بك وهو فى أوائل الكهولية، وكان خير ملوك زمانه شرقا وغربا؛ مما اشتمل عليه من العقل والحزم والعزم والكرم والشجاعة والسؤدد. وأفنى عمره فى الجهاد فى سبيل الله تعالى، وغزا عدّة غزوات، وفتح عدّة فتوحات، وملك الحصون المنيعة، والقلاع والمدن من العدوّ المخذول. على أنه كان منهمكا فى اللذات التى تهواها النفوس، ولعل حاله كقول بعض الأخيار- وقد سئل عن دينه- فقال: أمزّقه بالمعاصى، وأرقّعه بالاستغفار. فهو أحقّ بعفو الله وكرمه، فإن له المواقف المشهورة، وله اليد البيضاء فى الإسلام ونكاية العدوّ، حتى قيل عنه إنه كان سياجا للإسلام والمسلمين- عفا الله عنه، وعوّض شبابه الجنة- فلقد كان بوجوده «1» غاية التجمل فى جنس بنى آدم- رحمه الله تعالى.
وتوفّى الشيخ شمس الدين محمد بن حسّان «2» ، الفقيه الشافعى، شيخ خانقاه سعيد السعداء «3» ، فى يوم السبت أول شهر ربيع الأول، وكان فقيها ديّنا مشكور السّيرة، وتولّى مشيخة سعيد السّعداء من بعده الشيخ خالد.
وتوفّى الشيخ شمس الدين محمد الحلبى «4» ، المعروف بالحجازى، ابن أخت السخاوى، فى يوم الخميس ثالث عشر ربيع الأول، وكان أديبا، وهو ممن عرف فى هذه الدولة بخاله خليل السخاوى «5» ، وعدّ من بياض الناس، على أنه كان قليل البضاعة من العلوم والفضيلة.