فخرجت الأشراف مع السيد الشريف علىّ نقيب الأشراف، وخرجت طوائف الفقراء بأعلامها وأذكارها، ومشايخ الخوانق بصوفيّتها، وخرجت العساكر المصريّة بلبوسها الحربيّة، لأن العسكر المصرىّ كان من يوم خروج بطا وأصحابه من السجن وملكوا الديار المصريّة؛ عليهم آلة الحرب، وخرجت اليهود بالتوراة والنصارى بالإنجيل، ومعهم الشموع المشعولة. وخرج من الناس ما لا يحصيه إلا الله تعالى وعندهم من الفرح والسرور ما لا يوصف، وهم يصيحون بالدعاء له حتّى لقوه وخاطبوه.

فشرع الملك الظاهر يكلّم الناس ويدنيهم ويرجع رءوس النّوب عن منعهم من السلام عليه. وكلّما دعا له شخص منهم رحّب به. هذا وقد فرشت له الشّقق الحرير خارج التّرب إلى باب السلسلة «1» ، فلمّا وصل الملك الظاهر إلى الشقق المفروشة له، تنحّى بفرسه عنها وقدم الملك المنصور حاجّى، حتى مشى بفرسه عليها، ومشى الملك الظاهر برقوق بجانبه خارجا عن الشقق، فصار الموكب كأنه للملك المنصور لا للظاهر، فوقع هذا من الناس موقعا عظيما، ورفعوا أصواتهم له بالدعاء والابتهال لتواضعه فى حال غلبته وقهره له وكون المنصور معه كالأسير، وصارت القبّة والطير على رأس الملك المنصور أيضا، والخليفة أمامها وقضاة القضاة بين يدى الخليفة، وتناهبت العامّة الشّقق الحرير بعد دوس فرس السلطان عليها، من غير أن يمنعهم أحد، وكذلك لمّا نثر عليه الذهب والفضّة تناهبتّه العامّة. وكانت عادة ذلك كلّه للجمداريّة، فقصد الظاهر بذلك زيادة التحبّب للعامّة، كونهم أظهروا المحبّة له فى غيبته، وقاموا مع المماليك، وصاروا مع مماليكه، وصار الملك الظاهر يعظّم الملك المنصور فى مشيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015