لأربع عشرة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائة وسماه صاحب «البغية» موسى بن كعب بن عيينة. اهـ.
قلت: وولي على صلاة مصر وخراجها معاً، ونزل العسكر المقدم ذكره وسكنه، وجعل على شرطته عكرمة بن عبد الله وباشر أمر مصر «1» بحرمة وافرة، ونهى الجند «2» أن «3» يتوجهوا إليه أو يتكلموا معه إلا في أمر مهم ولا يفعلوا به كما كانوا يفعلون بالأمراء من قبله، فانتهوا عنه حتى إنه لم يمكن «4» أحداً أن يجتاز ببابه إلا من له عنده حاجة أو أذن له في ذلك. وموسى هذا هو أول من بايع أبا العباس السفاح بالخلافة في مبدأ أمره وأخرجه إلى الناس، وكان هو القائم بأمر بني العباس مع أبي مسلم الخراساني، وكان موسى هذا يسافر إلى البلاد ويدعو الناس للقيام مع بني العباس حتى قبض «5» عليه أسد بن عبد الله القسري عامل خراسان يوم ذاك لبني أمية، فأمر به أسد فألجم بلجام وكسرت أسنانه وعوقب ثم أطلق بعد شدائد، فلما صار الأمر إلى بني العباس أمالوا الدنيا عليه، وكان قاسى الأهوال بسبب دعوتهم وعذب وحبس كما سيأتي ذكره، وكان يقول لما ولي مصر: كانت لنا أسنان وليس عندنا خبز، فلما جاء الخبز ذهبت الأسنان؛ وكان أبو جعفر المنصور يعظمه ويجل مقداره، وكان جعله على شرطته ثم ولاه مصر مكرهاً وأضاف له السند، فلم تطل مدته على إمرة مصر وعزله أبو جعفر المنصور في ذي القعدة كما سيأتي ذكره بمحمد بن الأشعث، وكتب إليه المنصور: إني عزلتك عن غير سخط، ولكن بلغني أن عاملاً «6»