الكوفة عيسى بن موسى العباسي، وعلى البصرة سلمان بن علي عم المنصور، وعلى خراسان أبو داود، وعلى مصر صالح صاحب الترجمة، وعلى الجزيرة حميد بن قحطبة.
وفيها قتل الخليفة أبو جعفر المنصور أبا مسلم الخراساني وولى أبا داود خالد بن إبراهيم خراسان عوضه، واسم أبي مسلم عبد الرحمن وهو صاحب دعوة بني العباس وأحد من قام بأمرهم حتى تم له ذلك ووطأ لهم البلاد وقتل العباد وقصة قتلته تطول. وكان أبو مسلم شاباً جباراً مقداماً شجاعاً عارفاً صاحب رأي وتدبير ودهاء ومكر وعقل وحذق، قيل إنه كان يجامع في السنة مرة واحدة مع كثرة جواريه، فقيل له في ذلك، فقال: يكفي الشخص أن يتجنن في السنة مرة. ويحكى أن أبا جعفر المنصور لما قتله أدرجه في بساط وطلب جعفر بن حنظلة، فقال أبو جعفر المنصور: ما تقول في أمر أبي مسلم؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إن كنت أخذت من رأسه شعرة فاقتل ثم اقتل، فقال المنصور: وفقك الله ها هو في البساط، فلما نظر إليه قتيلاً قال: يا أمير المؤمنين، هذا أول «1» خلافتك، فأنشد المنصور:
فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قر عيناً بالإياب المسافر «2»
ثم أنشد المنصور ثانياً وبين يديه وجوه دولته وأعوان مملكته وأعيانها وأقاربه:
زعمت أن الدين لا يقتضى ... فاستوف بالكيل أبا مجرم
اشرب بكأس كنت تسقي بها ... أمر في الحلق من العلقم
واختلف في اسم أبي مسلم واسم أبيه، فقيل: اسمه عبد الرحمن بن مسلم بن شقيرون بن إسفنديار، وقيل: عبد الرحمن بن عثمان بن يسار، وقيل: عبد الرحمن