ثم قدم الخبر على قوصون بنزول العسكر الذي صحبة الأمير قطلوبغا الفخرىّ على مدينة الكرك وقد امتنعت منه واستعدّ أهلها للقتال، وكان الوقت شتاء فأقام العسكر نحو عشرين يوما فى شدّة من البرد والأمطار والثلوج وموت الدواب، وتسلط أهل الكرك عليهم بالسب واللّعن والتّوبيخ وشنّوا الغارات عليهم وصاروا يقطعون قربهم ورواياهم؛ هذا وقوصون يمد الفخرىّ بالأموال ويحضّه على لزوم الحصار.
ثم قدم الخبر من دمشق بأن تمر الموسوىّ قدم من حلب واستمال جماعة من الأمراء إلى طشتمر الساقى حمّص أخضر نائب حلب، فكتب قوصون بالقبض عليه. ثم حمل قوصون تشريفا إلى نائب حلب المذكور فلم يرض نائب حلب بالتشريف وردّه، وكتب إلى قوصون يعتبه على إخراج أولاد أستاذه إلى الصعيد، فأجابه قوصون بأعذار غير مقبولة.
ثم قدم الخبر على قوصون أيضا من شطّى أمير العرب بأنّ قطلوبغا الفخرى قد خامر على قوصون، وحلف لأحمد بن الناصر هو ومن معه من الأمراء وأنّهم أقاموا أحمد سلطانا ولقّبوه بالملك الناصر؛ وذلك بمكاتبة الأمير طشتمر الساقى نائب حلب له يعتبه على موافقة قوصون وقد فعل بأولاد أستاذه ما فعل، ويعزم عليه أنّه يدخل فى طاعة أحمد، ويقوم بنصرته، فصادف ذلك من الفخرى ضجره من الإقامة على حصار الكرك وشدّة البرد وعظم الغلاء، فجمع من معه وكتب إلى أحمد يخاطبه بالسلطنة وقرّر الصلح معه، وكتب لنائب حلب بذلك فأعاد جوابه بالشكر، وأعلمه بأن الأمير طقزدمر نائب حماة وأمراء دمشق قد وافقوه على القيام بنصرة أحمد. وكان الأمير ألطنبغا الصالحىّ نائب الشام قد أحسّ بشىء من هذا فاحترس على الطّرقات، حتّى ظفر بقاصد طشتمر نائب حلب على طريق بعلبك ومعه كتب فأخذها منه، وبعث بها إلى قوصون، فقدمت ثانى يوم ورود كتاب شطّى بمخابرة