ليقتدى كل ملك يأتى بعدهم بجميل الخصال، ويتجنب ما صدر منهم من اقتراح «1» المظالم وقبيح الفعال؛ ولم أقل كمقالة الغير إننى مستدعى الى ذلك من أمير أو سلطان، ولا مطّلب به من الأصدقاء والإخوان؛ بل ألّفته لنفسى، وأينعته بباسقات غرسى؛ ليكون لى فى الوحدة جليسا، وبين الجلساء مسامرا وأنيسا؛ ولا أنزّهه من خلل وإن حوى أحسن الخلال، ولا من زلل وإن طاب مورده الزلال؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ شهادة لا ينقص قدر إيمانها بعد تأكده، ولا يخفض مجد إتقانها بعد تشيّده؛ وأشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي كان لقول الحق أهلا، ومن جعل بتشريعه طرق الفلاح لسالك سننه سهلا؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرّيته وأتباعه.

أما بعد فلما كان لمصر ميزة على كل بلد بخدمة الحرمين الشريفين، أحببت أن أجعل تاريخا لملوكها مستوعبا من غير مين؛ فحملنى ذلك على تأليف هذا الكتاب وإنشائه، وقمت بتصنيفه وأعبائه؛ واستفتحته بفتح مصر وما وقع لهم فى المسالك، ومن حضرها من الصحابة ومن كان المتولّى لذلك؛ وعلى أىّ وجه فتحت: صلح أم عنوة من أصحابها، وأجمع فى ذلك أقوال من اختلف من المؤرّخين وأهل الأخبار وأربابها؛ وذلك بعد اتصال سندى الى من لى عنه منهم رواية، ليجمع الواقف عليه بين صحة النقل والدراية؛ وأطلق عنان القلم فيما جاء فى فضلها وذكرها من الكتاب العزيز، وما ورد فى حقها من الأحاديث وما اختصت به من المحاسن فصار لها على غيرها بذلك التمييز؛ ثم أذكر من وليها من يوم فتحت وما وقع فى دولته من العجب، واحدا بعد واحد لا أقدّم أحدا منهم على أحد باسم ولا كنية ولا لقب؛ ثم أذكر أيضا فى كل ترجمة ما أحدث صاحبها فى أيام ولايته من الأمور، وما جدّده من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015