على الجريد وصاحوا عليه صيحة واحدة: لا دين إلّا دين الإسلام، نصر الله دين محمد بن عبد الله، يا ملك الناصر يا سلطان الإسلام، انصرنا على أهل الكفر ولا تنصر النصارى، فخشع السلطان والأمراء وتوجه إلى الميدان وقد اشتغل سرّه، وركبت العامة أسوار الميدان «1» ورفعوا الخروق الزّرق وهم يصيحون لا دين إلا دين الإسلام، فخاف السلطان الفتنة ورجع إلى مداراتهم وتقدّم إلى الحاجب أن يخرج فينادى من وجد نصرانيا فدمه وماله حلال، فلما سمعوا النّداء صرخوا صوتا واحدا: نصرك الله، فارتجّت الأرض. ثم نودى عقيب ذلك [بالقاهرة «2» ومصر] من وجد نصرانيا بعمامة بيضاء حلّ دمه، وكتب مرسوم بلبس النصارى العمائم الزّرق، وألّا يركبوا فرسا ولا بغلا ولا يدخلوا الحمّام إلا بجرس فى أعناقهم، ولا يتزيّوا بزىّ المسلمين، هم ونساؤهم وأولادهم، ورسم للأمراء بإخراج النصارى من دواوينهم ودواوين السلطان، وكتب بذلك إلى سائر الأعمال.

وغلّقت الكنائس والأديرة وتجرّأت العامّة على النصارى حيث وجدوهم ضربوهم وعرّوهم، فلم يتجاسر نصرانىّ أن يخرج من بيته، فكان النصرانىّ إذا عنّ له أمر يتزيّا بزىّ اليهود فيلبس عمامة صفراء يكتريها من يهودىّ ليخرج فى حاجته. واتفق أنّ بعض كتّاب النصارى حضر إلى يهودىّ له عليه مبلغ كبير ليأخذ منه شيئا، فأمسكه اليهودىّ وصاح: أنا بالله وبالمسلمين، فخاف النصرانى وقال له: أبرأت ذمّتك وكتب له خطه بالبراءة وفرّ. واحتاج عدّة من النصارى إلى إظهارهم الإسلام، فأسلم السّنّى [ابن ست «3» بهجة] الكاتب وغيره، واعترف بعضهم على راهب دير «4»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015