وأمّا أمر الديار المصرية فإنّ الملك المظفّر بيبرس لمّا خلع نفسه وخرج من مصر إلى الإطفيحيّة جلس الأمير سلّار بقاعة النيابة من قلعة الجبل وجمع من بقى من الأمراء واهتم بحفظ القلعة، وأخرج المحابيس الذين كانوا فيها من حواشى الملك الناصر محمد وغيرهم، وركب ونادى فى الناس: ادعوا لسلطانكم الملك الناصر، وكتب إلى الملك الناصر بنزول المظفّر عن الملك وفراره إلى إطفيح «1» ، وسيّر بذلك أصلم الدّوادار ومعه النّمجاه «2» ، وكان قد توجّه قبل ذلك من القاهرة الأمير بيبرس المنصورىّ الدّوادار، والأمير بهادر آص فى رسالة المظفّر بيبرس أنّه قد ترك السلطنة وأنّه سأل: إمّا الكرك وإمّا حماة وإما صهيون، واتّفق يوم وصولهما إلى غزّة قدوم الملك الناصر أيضا إليها، وقدوم الأمير سيف الدين شاطى السّلاح دار فى طائفة من الأمراء المصريّين إليها أيضا. ثم قدمت العربان وقدم الأمير مهنّا بجماعة كثيرة من آل فضل، فركب السلطان إلى لقائه. ثم قدم الأمير برلغى الأشرفى مقدّم عساكر المظفّر بيبرس وزوج ابنته، والأمير آقوش الأشرفىّ نائب الكرك، فسرّ الملك الناصر بقدومهما، فإنّهما كانا عضدى المظفّر. قال الأمير بيبرس الدّوادار المقدّم ذكره فى تاريخه- رحمه الله-:
«وأمّا نحن فإنّا تقدّمنا على البريد فوصلنا إلى السلطان يوم نزوله على غزّة فمثلنا بين يديه وأعدنا المشافهة عليه، وطالعناه بنزول الرّكن عن السلطنة والتماسه مكانا من بعض الأمكنة، فاستبشر لحقن دماء المسلمين وخمود الفتنة، واتّفق فى ذلك النهار ورود الأمير سيف الدين برلغى والأمير عزّ «3» الدين البغدادىّ ومن معهما من الأمراء