مشيرا، فكانت تحمل إليه فوطة العلامة فيمضى منها ما يختاره، ويكتب عليه «عرض» فإذا رأى المظفّر خطّه علّم وإلّا فلا، ولم يزل على ذلك حتى بعث إليه الأمير آقوش الأفرم نائب الشام يهدّده بقطع رأسه فامتنع. وكان الأفرم صار يدبّر غالب أمور الديار المصريّة وهو بدمشق، لأنه كان خشداش المظفّر بيبرس وخصيصا به والقائم بدولته، والمعاند للناصر وغيره من نوّاب البلاد الشاميّة، وقد تقدّم ذكر ذلك كلّه فى ترجمة الملك المظفّر بيبرس.
وفيها توفّى الشيخ القدوة العارف بالله تعالى تاج الدين أبو الفضل أحمد بن محمد ابن عبد الكريم بن عطاء الله السّكندرىّ المالكىّ الصوفى الواعظ المذكّر المسلّك بالقاهرة فى جمادى الآخرة ودفن بالقرافة، وقبره «1» معروف بها، يقصد للزيارة. وكان رجلا صالحا عالما يتكلّم على كرسىّ ويحضر ميعاده خلق كثير، وكان لوعظه تأثير فى القلوب، وكان له معرفة تامّة بكلام أهل الحقائق وأرباب الطريق، وكان له نظم حسن على طريق القوم، وكانت جنازته مشهودة حفلة إلى الغاية. ومن شعره قصيدة أوّلها:
يا صاح إنّ الركب قد سار مسرعا ... ونحن فعود ما الذي أنت صانع
أترضى بأن تبقى المخلّف بعدهم ... صريع الأمانى والغرام ينازع
وهذا لسان الكون ينطق جهرة ... بأنّ جميع الكائنات قواطع
وفيها توفّى القاضى عزّ الدين عبد العزيز ابن القاضى شرف الدين محمد [بن فتح «2» الدين عبد الله بن محمد بن أحمد بن خالد] بن القيسرانىّ أحد كتّاب الدّرج