وأظهر أنّه يريد الحجّ بعياله، وحدّث بيبرس وسلّار فى ذلك يوم النصف من شهر رمضان فوافقاه عليه، وأعجب البرجيّة خشداشية بيبرس سفره لينالوا أغراضهم وشرعوا فى تجهيزه، وكتب إلى دمشق والكرك وغزّة برمى الإقامات، وألزم عرب الشرقية بحمل الشّعير، فتهيّأ ذلك، وأحضر الأمراء تقادمهم له من الخيل والجمال فى العشرين من شهر رمضان فقبلها منهم وشكرهم على ذلك. وركب فى خامس عشرين شهر رمضان من القلعة يريد السفر إلى الحجّ، ونزل من القلعة ومعه جميع الأمراء، وخرج العامّة حوله وحاذوا بينه وبين الأمراء، وهم يتباكون حوله ويتأسّفون على فراقه ويدعون له إلى أن نزل بركة الحجّاج. وتعيّن للسفر مع السلطان من الأمراء:
عزّ الدين أيدمر الخطيرىّ الأستادار، وسيف الدين آل ملك الجوكندار، وحسام الدين قرا لاچين أمير مجلس، وسيف الدين بلبان [المحمدىّ «1» ] أمير جاندار، وعزّ الدين أيبك الرومى السّلاح دار، وركن الدين بيبرس الأحمدىّ، وعلم الدين سنجر الجمقدار، وسيف الدين تقطاى الساقى «2» ، وشمس الدين سنقر السّعدىّ النقيب؛ ومن المماليك خمسة وسبعون نفرا. وودّعه سلّار وبيبرس بمن معهم من الأمراء، وهم على خيولهم من غير أن يترجّلوا له وعاد الأمراء، فرحل السلطان من ليلته وخرج إلى جهة الصالحيّة «3» وتصيّد بها، ثم سار إلى الكرك ومعه من الخيل مائة وخمسون فرسا، فوصل إلى الكرك فى يوم الأحد عاشر شوّال بمن معه من الأمراء ومماليكه. واحتفل الأمير جمال الدين آقوش الأشرفى نائب الكرك بقدومه وقام له بما يليق به، وزيّن له القلعة والمدينة، وفتح له باب السّرّ من قلعة الكرك ومدّ الجسر على الخندق، وكان له مدّة سنين لم يمدّ وقد ساس خشبه لطول مكثه.