وبيبرس الدّوادار بمضافيهم. ومشى السلطان على التتار والخليفة بجانبه ومعهما القرّاء يتلون القرآن ويحثّون على الجهاد ويشوّقون إلى الجنة، وصار الخليفة يقول:
يا مجاهدون لا تنظروا لسلطانكم، قاتلوا عن دين نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم وعن حريمكم! والناس فى بكاء شديد، ومنهم من سقط عن فرسه إلى الأرض! ووصّى «1» بيبرس وسلّار على الثبات فى الجهاد. وكلّ ذلك والسلطان والخليفة يكرّ فى العساكر يمينا وشمالا. ثم عاد السلطان والخليفة إلى مواقفهما، ووقف خلفه الغلمان والأحمال والعساكر صفّا واحدا، وقال لهم: من خرج من الأجناد عن المصاف فاقتلوه ولكم سلبه. فلمّا تمّ الترتيب زحفت كراديس «2» التتار كقطع الليل، وكان ذلك وقت الظهر من يوم السبت ثانى رمضان المذكور. وأقبل قطلوشاه بمن معه من الطّوامين، وحملوا على الميمنة فثبت لهم الميمنة وقاتلوهم أشدّ قتال حتى قتل من أعيان الميمنة الأمير حسام الدين لاچين الأستادار، وأوليا بن قرمان، والأمير سنقر الكافورى «3» ، والأمير أيدمر الشّمسىّ القشّاش، والأمير آقوش الشمسىّ الحاجب، وحسام الدين على بن باخل ونحو الألف فارس، كلّ ذلك وهم فى مقابلة العدوّ والقتال عمّال بينهم. فلما وقع ذلك أدركتهم الأمراء من القلب ومن الميسرة، وصاح سلّار: هلك والله أهل الإسلام! وصرخ فى بيبرس الجاشنكير وفى البرجيّة فأتوه دفعة واحدة، فأخذهم وصدم بهم العدوّ وقصد مقدّم التتار قطلوشاه، وتقدّم عن الميمنة حتّى أخذت الميمنة راحة، وأبلى سلّار فى ذلك اليوم هو وبيبرس الجاشنكير بلاء حسنا، وسلّموا نفوسهم إلى الموت. فلمّا رأى باقى الأمراء منهم ذلك ألقوا نفوسهم إلى الموت، واقتحموا القتال، وكانت لسلّار والجاشنكير فى ذلك