والقاهرة، وبقوا على هذه الحالة إلى أن ماتوا، وكلّ من مات منهم سلّم إلى أهله والجميع دفنوهم بالقرافة.
قلت: وقريب ممّا وقع لبيدرا هذا وأصحابه أوائل ألفاظ المقالة الخامسة عشرة من «كتاب أطباق الذهب» للشيخ الإمام الربّانى شرف الدين عبد المؤمن الأصفهانىّ المعروف بشوروة «1» ، وهى قوله:
«من الناس من يستطيب ركوب الأخطار، وورود التّيار، ولحوق العار والشّنار، ويستحبّ وقد النار، وعقد الزّنّار، لأجل الدينار؛ ويستلذّ سفّ الرّماد، ونقل السّماد، وطىّ البلاد، لأجل الأولاد؛ ويصبر على نسف الجبال، ونتف السّبال «2» ، لشهوة المبال؛ ويبدّل الإيمان»
بالكفر، ويحفر الجبال بالظّفر، للدنانير الصّفر؛ ويلج ما ضغى «4» الأسود، للدراهم السّود؛ لا يكره صداعا، [إذا نال كراعا «5» ] ؛ ويلقى النوائب بقلب صابر، فى هوى الشيخ أبى جابر «6» ؛ ويأبى العزّ طبيعة، ويرى الذّلّ شريعة؛ وإن رزق لعيعة «7» ، يراها صنيعة، يؤمّ راسه وترضّ أضراسه؛ وإن أعطى درهما، يراه مرهما.
ومن الناس من يختار العفاف، ويعاف الإسفاف؛ يدع الطعام طاويا، ويذر الشراب صاديا، ويرى المال رائحا غاديا؛ يترك الدنيا لطلّابها، ويطرح الجيفة لكلابها؛ لا يسترزق لئام الناس، ويقنع بالخبز الناس «8» ؛ يكره المنّ والأذى، ويعاف