الناصر محمد بن قلاوون وهو صغير، تسكينا لما وقع وإخمادا للفتنة، فأجلسوه على تخت الملك بقلعة الجبل فى رابع عشر المحرّم من سنة ثلاث وتسعين وستمائة المذكورة، وأن يكون نائب السلطنة الأمير زين الدين كتبغا، والوزير الأمير علم الدين سنجر الشجاعىّ، وحسام الدين أستاذ الدار أتابك العساكر.

قلت: وساق الشيخ قطب الدين اليونينىّ واقعة الملك الأشرف هذا وقتله وقتل بيدرا بأطول من هذا؛ قال الشيخ قطب الدين:

«وحكى لى الأمير سيف الدين بن المحفّدار أمير جاندار قال: كان السلطان الملك الأشرف قد أنفذنى فى أوّل النهار إلى الأمير بدر الدين بيدرا يأمره أن يأخذ العساكر ويسير بهم، فلمّا جئت إليه وقلت له: السلطان يأمرك أن تسير الساعة تحت الصناجق بالأمراء والعسكر، قال: فنفر فىّ بيدرا، ثم قال: السمع والطاعة؛ قال: ورأيت فى وجهه أثر الغيظ والحنق وقال: وكم يستعجلنى! فظهر فى وجهه شىء ما كنت أعهده منه؛ ثم إنّى تركته ومشيت حملت الزّردخاناه «1» والثّقل الذي لى وسرت، فبينما أنا سائر أنا ورفيقى الأمير صارم الدين الفخرىّ وركن الدين أمير جاندار عند المساء، وإذا بنجّاب سائر، فسألت عن السلطان أين تركته؟ فقال:

طوّل الله أعماركم فيه؛ فبينما نحن متحيّرون فى أمره، وإذا بالسناجق التى للسلطان قد لاحت وقربت والأمراء تحتها، والأمير بدر الدين بيدرا بينهم وهم محدقون به؛ قال: فجئنا وسلّمنا عليه، فقال له الأمير ركن الدين بيبرس أمير جاندار: يا خوند، هذا الذي فعلته كان بمشورة الأمراء؟ قال: نعم، إنّما قتلته بمشورتهم وحضورهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015