عشره بعد أن زيّنت له دمشق غاية الزينة، وعملت القباب بالشوارع من قريب المصلّى «1» إلى الباب «2» الجديد، وحصل من الاحتفال لقدومه ما لا يوصف، ودخل وبين يديه الأسرى من الفرنج تحتهم الخيول وفى أرجلهم القيود، ومنهم الحامل من سناجق الفرنج المنكّسة، وفيهم من حمل رمحا عليه من رءوس قتلى الفرنج؛ فكان لقدومه يوم عظيم. وأقام الأشرف بدمشق إلى فجر نهار الأربعاء تاسع عشر شهر رجب. وعاد إلى الديار المصريّة فدخلها يوم الاثنين تاسع شعبان؛ فاحتفل أيضا أهل مصر لملاقاته احتفالا عظيما أضعاف احتفال أهل دمشق، وعند دخوله إلى مصر أطلق رسل صاحب عكّا الذين كانوا معوّقين بالقاهرة. ثم إنّ الأمير علم الدين سنجر الشجاعىّ نائب الشام فتح صيدا بعد حصار كبير بالأمان فى يوم السبت خامس عشر شهر رجب. ولمّا أخذت هذه البلاد فى هذه السنة أمر السلطان أن تخرّب قلعة جبيل وأسوارها بحيث يلحقها بالأرض فخرّبت أصلا؛ ثم أخذت عثليث «3» بعد شهر.
وأمّا أهل أنطرطوس لمّا بلغهم أخذ هذه القلاع عزموا على الهرب، فجرّد الأمير سيف الدين بلبان الطّباخى عسكرا، فلمّا أحاطوا بها ليلة الخميس خامس شعبان