وَلَا تُقْبَلُ مِنْ عَدُوٍّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قيل لبعضهم: أيما أحب إليك أخوك أم ديقك؟ قال: لا أحب أخي إلا إذا كان صديقي.
وقال ابن عباس: الصديق آكد من القرابة؛ لأن الجهنميين لم يستغيثوا بالآباء والأمهات.
فرع:
قال: القاضي حسين والروياني: لا تقبل شهادة القانع لأهل البيت، وهو: الذي ينقطع عن مكاسبه ويلتجئ إلي أهل بيت يؤاكلهم، ويرمي عن قوسهم.
وقال القاضي شربيح: تقبل شهادته لهم كالصديق لصديقه.
ويدل لعدم القبول ما وراء أبو داوود (3595): (أن النبي صلي الله عليه وسلم رد شهادة القانع لأهل البيت، وأجازها لغيرهم).
وعلل الخطابي ذلك بالتهمة، وإلي هذا ذهب أبو حنيفة.
ومسألة القانع ليست في كلام الرافعي ولا المصنف ولا ابن الرفعة، والحق فيها أن الحديث إن صح .. كان حجة لمن منع قبول شهادته، لكن في إسناده محمد بن راشد، وهو متكلم فيه.
والذي أفتي به الشيخ: أن شهادته مقبوله كالصديق والزوج والوكيل في غير ما وكل فيه.
وشهادة المحدود في القذف وغيره مقبوله بعد التوبة، ورد مالك شهادة ولد الزنا.
قال: (ولا تقبل من عدو)؛ لأن العداوة من أقوي الريب، وتقدم في أول الباب: أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (لا تجوز شهادة ذي ظنه ولا ذي حنة).
و (الظنة): التهمة و (الحتة): العداوة، والمراد: العداوة الدنيوية الظاهرة؛ لأن الباطنة لا يطلع عليها إلا مقلب القلوب، ففي (معجم الطبراني) (طس 437): أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سيأتي قوم في آخر الزمان إخوان العلانية أعداء السريرة) نسأل الله العافية.