وَيَبْحَثُ الْقَاضِي عَنْ حَالِ عُلَمَاءِ الْبَلَدِ وَعُدُولِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأفهم كلام المصنف انه لا يكفي مجرد إخبار القاضي لهم، ولا خلاف في ذلك إن لم يصدقوه، فإن صدقوه .. ففي لزوم طاعته عليهم وجهان في (الحاوي)، وقياس ما سبق في (الوكالة) انه تلزمهم طاعته؛ فإن الإمام لو أنكر توليته .. كان القول قوله.
قال: (ويبحث القاضي عن حال علماء البلد وعدوله)؛ لأنه لا بد له منهم، فندب تقديم العلم بهم، وهذا قبل خروجه، فإن لم يتيسر .. سأل في الطريق، فإن لم يجد .. فحين يدخل، يسأل عنهم سرًا وعلانية ليعاملهم إذا دخل عليهم بما يليق بهم؛ ففي الناس بر وفاجر، وأمين وخائن، اللهم إلا أن يكون يعلم بحالهم.
نصيحة:
قال الشيخ: ينبغي للقاضي أن لا يغفل عن ثلاثة أمور: مراقبة الله تعالى في الإخلاص، والنبي صلى الله عليه وسلم في أنه لا يدخل في شريعته ما ليس منها، وعباد الله اجمعين في أنه لا يحصل لأحد منهم أذى من جهته إلا إذا وجب عليه بالشرع شيء، فيكون فعله تنفيذًا لحكم الشرع لا من جهة نفسه.
ولا يعجل بمدح ولا ذم، ولا قول ولا فعل، ولا يسمع من أحد في أحد حتى يتروى.
وإذا قيل له في أحد شيء فطباع التأثر .. فيمسك نفسه ويصبر حتى ينظر في ذلك القول إذا خلي وحده، ويحاسب نفسه مع ربه، ويعرض ما هَمَّ به على الشرع المبين.
ويجرد نفسه عن الغرض، ويفعل ذلك مرة بعد مرة، فإذا تبين له أمر .. أقدم عليه.
وفي (كامل ابن عدي) وغيره عن الحسن: ان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأخذ احدًا بقرف أحد، ولا يسمع كلام أحد في أحد.