وَيُشْهِدْ بِالْكِتَابِ شَاهِدَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أما بعد: فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة، فافهم إذا ولي إليك؛ فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له.
آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك؛ حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك.
البينة على المدعي واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا احل حرامًا او حرم حلالًا.
ولا يمنعك قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق؛ فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل.
الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنة، ثم اعرف الأشباه والأمثال، وقس الأمور عند ذلك، واعمد إلى أقربها إلى الله وأشبهها بالحق، واجعل للمدعي أمدًا ينتهي إليه، فإن أحضر بينة .. أخذت له بحقه، وإلا .. استحلت عليه القضية؛ فإنه أنفى للشك وأجلى للعمى.
المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودًا في حد، أو مجربًا عليه شهادة زور، أو ظنينًا في ولاء أو نسب، فإن الله تعالى تولى منكم السرائر، ودرأ بالبينات والأيمان.
وإياك والقلق والضجر والتأذي بالخصوم والتنكر عند الخصومات؛ فإن الحق في مواطن الحق يعظم الله به الأجر، ويجزل عليه الذخر، فمن صحت نيته وأقبل على نفسه .. كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تخلق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه .. شأنه الله، فما ظنك بثواب غير الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته، والسلام.
قال: (ويشهد بالكتاب شاهدين) سواء قرب محل الولاية أم بعد؛ لقوله تعالى: {وأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ}، فيقرآنه أو يقرأه الإمام عليهما.
فإن قرأه غير الإمام .. فالأحوط أن ينظرا فيه، ولو أشهدهما ولم يكتب .. كفى؛ فإن الاعتماد على الشهود، وهذه الشهادة ليست على قواعد الشهادات؛ إذ ليس هناك