وَلَوْ حَكَّمَ خَصْمَانِ رَجُلًا فِي غَيْرِ اللهِ تَعَالَى .. جَازَ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قال في (الوسيط): له الحكم بالمسائل التي اتفق عليها المذهبان فقط.

وسئل الدامغاني عن حنفي ولى شافعيًا على أن يحكم بمذهب أبي حنيفة هل يصح؟ قال: نعم؛ لأن القاضي أبا حازم ولى ابن سريج ببغداد على أن لا يقضي إلا بمذهب أبي حنيفة فالتزمه.

وفي (فتاوي القاضي حسين): لو شرط عليه أن لا يقضي بشاهد ويمين ولا غائب .. لغا الشرط وقضى باجتهاده.

قال: (ولو حكم خصمان رجلًا في غير حَقِّ الله تعالى .. جاز)؛ ففي (سنن البيهقي) [10/ 145]: أن عمر وأبي بن كعب تحاكما إلى زيد بن ثابت في نخل، وعثمان وطلحة إلى جبير بن مطعم [5/ 268]، وعمر والعباس إلى أبي بن كعب في أرض بالقرب من المسجد، ولم ينكر ذلك أحد.

واستدل الرافعي بقوله صلى الله عليه وسلم: (من حكم بين اثنين تراضيا به فلم يعدل .. فعليه لعنة الله).

ولو لم يكن لحكمه اعتبار ولزوم .. لما كان لهذا التهديد معنىً، والحديث غريب لا يعرف.

نعم؛ روى أبو داوود [4916] والنسائي [8/ 226] وابن حبان [504] والحاكم [1/ 24]: أن هانئًا الحارثي لما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه .. سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلِمَ تكنى بذلك؟! قال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء .. أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين، فقال عليه الصلاة والسلام: (ما أحسن هذا؟! فما لك من الولد؟) قال: شريح وعبد الله ومسلم، قال: (من أكبرهم؟) قال: شريح، قال: (فأنت أبو شريح) ودعا له ولولده.

وكان شريح بن هانئ من أعيان أصحاب علي، شهد معه حروبه كلها، وعاش مئة وعشرين سنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015