. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ولا يشترط التبحر في هذه العلوم، بل تكفي معرفة جمل منها، فلا يكون في النحو كسيبويه، وفي اللغة كالخليل، بل المعتبر ما يوصله إلى معرفة الحكم، وتعلم ذلك سهل؛ لأنه جمع ودون.

واقتصار المصنف على الأدلة الأربعة المتفق عليها يقتضي أنه لا تشترط معرفة المختلف فيها كالاستصحاب، والمصالح المرسلة، وقياس العكس، والأخذ بأقل ما قيل، ولا بد من معرفتها؛ لترتب بعض الأحكام عليها.

وأفهم أنه لا تشترط معرفة أصول الاعتقاد، لكن حكى الرافعي عن الأصحاب اشتراطه، وهذا إنما حكاه الغزالي في (المستصفى) عن الأصوليين، ثم خالفهم وقال: يكفي اعتقاد جازم، ولا تشترط معرفتها على طريق المتكلمين؛ فإنها لم تكن في عهد الصحابة.

واجتماع هذه العلوم إنما يعتبر في المجتهد المطلق الذي يفتي في جميع الأبواب، أما المقلد .. فليس عليه غير معرفة قواعد إمامه.

قال شيخ الإسلام ابن دقيق العيد: لا يخلو العصر عن مجتهد إلا إذا تداعى الزمان وقربت الساعة.

وأما قول الغزالي والقفال: إن العصر خلا عن المجتهد المستقل .. فالظاهر أن المراد: مجتهد قائم بالقضاء؛ فإن العلماء كانوا يرغبون عنه.

قال ابن الرفعة: ولا يختلف اثنان أن ابن عبد السلام وابن دقيق العيد بلغا رتبة الاجتهاد.

وقال ابن الصلاح: إمام الحرمين والغزالي والشيخ أبو إسحاق الشيرازي من الأئمة المجتهدين في المذهب.

وقال مالك: خصال القضاء لا تجتمع الآن في أحد، فإذا اجتمعت في شخص خصلتان .. رأيت أن يولى العقل والورع، فبالعقل يسأل وبالورع يكف، فمن شأن ابن آدم أن لا يعلم كل شيء، ومن شأنه أن يعلم ثم ينسى، ومن شأنه أن يعلم ثم يزيده الله علمًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015