مُجْتَهِدٌ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واحتجوا لاعتبار هذا الشرط بما روى مسلم [1826]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر: (إني أراك ضعيفًا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تتأمرن على اثنين، ولا تليَنَّ مال يتيم).
قال الشيخ عز الدين: وذلك أن الولاية لها شرطان: العلم بأحكامها والقدرة على تحصيل مصالحها ودرء مفاسدها، وقد نبه عليهما يوسف عليه السلام بقوله: {إنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}.
فإذا فقد الشرطان .. حرمت الولاية.
ومن لا تقبل شهادته من أهل البدع لا يصح تقليده القضاء، وكذا لا يجوز تقليد من لا يقول بالإجماع، أو لا يقول بأخبار الآحاد، وكذا حكم نفاة القياس الذين لا يقولون بالاجتهاد أصلًا، بل يتبعون النصوص فإن لم يجدوا .. أخذوا بقول سلفهم كالشيعة.
فإن كانوا مجتهدين في مجرى الكلام ويثبتون الأحكام على عموم النصوص وإشاراتها .. جاز تقليدهم على الأصح.
قال: (مجتهد) فلا تصح تولية الجاهل بالأحكام الشرعية وطرقها المحتاج إليها، ولأنه لا يصلح للفتوى فالقضاء أولى، قال الله تعالى: {ولا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ والْبَصَرَ والْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا}.
والضمير في (عنه) يعود على ما ليس للإنسان به علم، ويكون المعنى: أن الله يسأل سمع الإنسان وبصره وفؤاده عما قال مما لا علم له به، فيقع تكذيبه من جوارحه، وذلك غاية الخزي.
ويحتمل عوده على (كل) التي هي السمع والبصر والفؤاد؛ أي: أن الله يسأل الإنسان عما حواه سمعه وبصره وفؤاده فكأنه قال: كل هذا كان الإنسان عنه مسؤولًا، فهو على حذف مضاف.
ولا يخفى أنه يستثنى من هذا المحكَّمُ في النكاح كما تقدم في بابه.
وقال أبو حنيفة: تجوز تولية العامي، ثم هو يسأل أهل العلم.