أَوْ مُحْتَاجًا إِلَى الرِّزْقِ، وَإِلًا .. فَالأَوْلَى تَرْكُهُ. قُلْتُ: وَيْكْرَهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَاللهُ أَعْلَمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال: (أو محتاجًا إلى الرزق) أي: مع الشهرة؛ لأنه يكسب كفايته بسبب هو طاعة، لما في العدل من جزيل الثواب.
وقال القفال: لا يندب الطلب بحال، ولكن تستحب له الإجابة إذا طلب، وقال بعض أصحابنا: يكره الطلب مطلقًا؛ لظاهر حديث عبد الرحمن بن سمرة.
وفي (صحيح مسلم) [1733]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنا والله لا نولي على هذا العمل أحدًا سأله ولا أحدًا حرص عليه).
و (حرص) بفتح الراء،
ومن الصور التي يستحب فيها الطلب أيضًا: إذا كانت الحقوق مضاعة؛ لجور أو عجز، أو فسدت الأحكام بتولية جاهل فقصد بالطلب تدارك ذلك، ويندب حينئذ بذل المال لتحصيله، وقد أخبر الله تعالى عن يوسف عليه السلام: أنه طلب فقال:، وإنما طلب ذلك شفقة على المسلمين لا منفعة لنفسه.
هذا إذا لم يكن هناك قاض مولّىً، فإن كان وهو غير أهل .. فكالعدم، وإن كان أهلًا والطالب يروم عزله .. فهذا الطلب محظور وهذا الطالب مجروح، سواء كان فاضلًا أو مفضولًا.
قال: (وإلا) أي: وإن كان مع الشهرة مكفيًا (.. فالأولى تركه) أي: ترك الطلب إذا كان من أهل العفة والأمانة مكفيًا معروفًا بالعلم يرجع إليه في الفتاوى .. فالأولى له الاشتغال بنشر العلم والفتيا؛ لما في القضاء من الأخطار، وعلى هذا: يحمل امتناع من امتنع من تقليد القضاء من السلف الصالح.
قال: (قلت: ويكره على الصحيح والله أعلم) أي: الطلب والقبول إن لم يطلبه، وهذا الذي صححه الرافعي في (الشرح)، وقال هنا: إنه يروى عن الشافعي: أنه أوصى المزني في مرض موته أن لا يتولى القضاء، وعرض عليه كتاب الرشيد بالقضاء .. فلم يجبه إليه. اهـ.
والمعروف: أن الذي كتب بالقضاء إلى الشافعي المأمون بن الرشيد كما تقدم.