وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا .. فَلاَ فِي الْجَدِيدِ، وَإِنْ قَرَأَ آيَةً أَفْهَمَهُ بِهَا مَقْصُودَهُ وَقَصَدَ قِرَاءَةً .. لَمْ يَحْنَثْ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وألحق به الرافعي ما لو سلم من صلاة والمحلوف عليه من المأمومين به، وقد سبق ما فيه من الإشكال.
ولا بد أن يسمعه، فلو كلمه وهو أصم .. لم يحنث في الأصح، فلو تكلم بشيء فيه تعريض له ولم يواجهه .. لم يحنث كما سيأتي في خاتمة الباب.
قال: (وإن كاتبه أو راسله أو أشار إليه بيد أو غيرها .. فلا في الجديد) وبه قال أبو حنيفة؛ لأنه يصدق نفي الكلام عنه فيقال: ما كلمه بل كاتبه أو راسله أو أشار إليه، قال تعالى: {فَلَنْ أُكَلِّمَ اليَوْمَ إنسِيًا} {فَأَشَارَتْ إلَيْهِ}، وسواء أشار الناطق أو الأخرس، وإنما جعلنا إشارته كنطقه في المعاملات للضرورة.
والقديم – وبه قال مالك وأحمد: يحنث بذلك بدليل قوله تعالى: {لاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إلاَّ رَمْزًا}، ولقوله تعالى: {ومَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلاَّ وحْيًا أَوْ مِن ورَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا}، فاستثنى الرمز والرسالة من التكلم، فدل على أنهما منه.
قال: (وإن قرأ آية أفهمه بها مقصوده وقصد قراءة .. لم يحنث)؛ لأنه لم يكلمه.
وإن فتح عليه في صلاته بتسبيح أو قراءة آية وكان مقتديًا به .. لم يحنث كما جزم به الشيخان وغيرهما، وهذا يؤيد ما تقدم في (شروط الصلاة): أن القارئ إذا قصد الرد المجرد على الإمام لا تبطل صلاته.
فرع:
سبق في النشوز أن هجران المسلم فوق ثلاثة أيام حرام إذا كان لحظوظ النفوس وتعنتات أهل الدنيا، فأما إذا كان المهجور مبتدعًا أو متجاهرًا بالظلم أو الفسق .. فلا تحرم مهاجرته أبدًا، وكذا إذا كان في المهاجرة مصلحة دينية، أو كان فيه صلاح لدين المهاجر أو المهجور .. فلا يحرم.