وَلَوْ قَدَرَ أَسِيرٌ عَلَى هَرَبٍ .. لَزِمَهُ،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وسميت هجرة؛ لأنهم هجروا ديارهم فرارًا بدينهم، وقيل في حقهم: {لَقَد تَّابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ}

تنبيهان:

أحدهما: يستثنى من الوجوب: من في إقامته مصلحة للمسلمين؛ فقد حكى ابن عبد البر وغيره: أن إسلام العباس كان قبل بدر وكان يكتمه ويكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأخبار المشركين، وكان المسلمون يتقوون به، وكان يحب القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب النبي صلى الله عليه وسلم إليه: أن مُقامك بمكة خير، ثم أظهر إسلامه يوم فتح مكة.

الثاني: لا تختص الهجرة بدار الكفر، بل كل من أظهر حقًّا ببلد من بلاد الإسلام ولم يقبل منه ولم يقدر على إظهاره .. لزمته الهجرة منه، قال صاحب (المعتمد) والبغوي في (تفسير سورة العنكبوت)، ويدل لذلك قوله تعالى: {فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.

وقال الزمخشري: إن كان الرجل ببلد لا يتمكن فيه من إقامة أمر دينه لبعض الأسباب والعوائق، أو علم انه في غير بلده أقوم بحق الله وأدوم على العبادة .. حقت عليه المهاجرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من فر بدينه من أرض إلى أرض ولو كان شبرًا من الأرض .. استوجب الجنة وكان رفيق إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام).

قال: (ولو قدر أسير على هرب .. لزمه)؛ إقامة لدينه، سواء كان في حبس أو قيد.

وحكى الإمام وجهًا: أنه لا يجب إذا أمكنه إقامة شعار دينه، قال: والأصح: المنع؛ فإن المسلم بين الكفار مقهور مهان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015