وَفُتِحَتْ مَكَّةُ صُلْحًا، فَدُورُهَا وَأَرْضُهَا الْمُحْيَاةُ مِلْكٌ يُبَاعٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والثاني: يمنع كالمزارع، كذا أطلقه الرافعي والمصنف.

والظاهر: أن موضع الخلاف في الأبنية التي كانت موجودة يوم ردها عمر إلى أهلها، فأما ما حدث بعد ذلك .. فيجوز بيعه بالاتفاق.

واستثنى أبو الفرج الزاز في (تعليقه) الخانات ونحوها، فلا يجوز بيعها؛ لأن عمر وقفها كالأراضي، ويستثنى أيضًا: أبنية البصرة؛ فإنها وإن دخلت في حد السواد .. فيجوز بيعها بالاتفاق كما تباع أراضيها إلا الموضعان المستثنيان.

وإذا أراد الإمام اليوم أن يقف أرض الغنيمة كما فعل عمر رضي الله عنه .. جاز إذا استطاب قلوب الغانمين في النزول عنها بعوض أو دونه، فإن أبَوا أو بعضهم .. فلا، وهو أحق بها، ولا يجوز له رد شيء من النساء والصبيان إلى الكفار إلى باستطابة قلوبهم.

قال: (وفتحت مكة صلحًا)؛ لقوله تعالى: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} يعنى: أهل مكة، فدل على أنهم لم يقاتلوا، وقال: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ}، وصح: أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من دخل المسجد .. فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان .. فهو آمن، ومن ألقى سلاحه .. فهو آمن، ومن أغلق بابه .. فهو آمن) رواه مسلم [1780]، واستثنى أناسًا أمر بقتلهم كما تقدم، فدل على عموم الأمان للباقي.

وقال تعالى: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ} فأضاف الدور إليهم وحقيقتها الملك.

وقال أكثر أهل المغازي: إنها فتحت عَنوة، وبه قال أبو حنيفة ومالك.

وقال الماوردي: أسفلها دخله خالد عَنوة، وأعلاها دخله الزبير صلحًا، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من جهته، فصار حكم جهته الأغلب.

قال: (فدُورها وأرضها المُحياة مِلك يباع)؛ لحديث أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله؛ أتنزل غدًا بدارك بمكة؟ فقال: (وهل ترك لنا عقيل من رباع) وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب، ولم يرثه جعفر ولا علي؛ لأنهما كانا مسلمين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015