وَالصَّحِيحُ أَنْ سَوَادَ الْعِرَاقِ فُتِحَ عَنْوَةً وَقُسِّمَ ثُمَّ بَذَلُوهُ وَوُقِفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال: (والصحيح: أن سواد العراق فتح عنوة وقسم) روى أبو عبيد في كتاب (الأموال) بإسناد صحيح: أن سواد العراق فتحه عمر، وحكى الشيخ أبو حامد فيه الإجماع.
وإنما اختلفوا في كيفية فتحه:
فقال الجمهور: فتح عنوة؛ إذ لو كان صلحًا لم يقسم.
وقيل: فتح صلحًا، وأنه رده عليهم بخراج يؤدونه كل سنة.
وقيل: بعضه كذا، وبعضه كذا.
وقيل: بالوقف، وهو رأي أبي الطيب بن سلمة؛ فإنه قال: لا أدري كيف كان. وتعبير المصنف بـ (الأصح) يقتضي: أن يكون الخلاف وجهين، وحكاهما الماوردي قولين منصوصين.
وإضافة (السواد) إلى (العراق) من باب إضافة الجنس إلى بعضه؛ فإن السواد أزيد من العراق بخمسة وثلاثين فرسخًا كما قاله الماوردي.
سمي سوادًا؛ لأنهم خرجوا من البادية فرأوا خضرة الزرع بين الأشجار الملتفة فقالوا: ما هذا السواد؟
وقيل: سمي بذلك؛ لكثرة ما حكي من سواد القوم.
وقيل: لعدم طلوع الشمس فيه على الأرض.
والصحيح: أن عمر فتحه عنوة وقسمه بين الغانمين، ثم خاف أن يتعلقوا بأذناب البقر ويتركوا الجهاد، فاستمال قلوبهم عنها بعوض، ووقفها على المسلمين، ثم آجرها من سكان العراق يؤدونه كل سنة بإجازة مؤبدة، واحتمل ذلك للمصلحة العامة.
قال: (ثم بذلوه ووقف على المسلمين) أي: ثم القسمة بذلة الغانمون ووقفه