وَالدَّيْنُ الْحَالُّ يُحَرِّمُ سَفَرَ جِهَادٍ وَغَيْرِهِ إِلاَّ بِإِذْنِ غَرِيمِهِ،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والثاني: يمنع الوجوب كالحج؛ فإنه يأنف من قتال المسلمين.

ثم إن المنصف لما فرغ من بيان الموانع الحسية .. شرع في بيان الموانع الشرعية، وهي ثلاثة:

الرق وقد تقدم في كلامه.

والكفر، وتركه المنصف، فلا يخاطب به الذمي: لأنه بذل الجزية لنذب عنه لا ليذب عنا، وينبغي أن يجب على المرتد؛ لأنه سبق منه الالتزام.

قال: (والدَّينُ الحالُّ) سواء كان لمسلم أو ذمي (يُحرِّم سفر جهاد وغيره)؛ لأن مقصود الجهاد طلب الشهادة وبذل النفس للقتل وهو يؤدي إلى إسقاط حق ثابت، ولأن أداء الدين فرض عين فقدم على فرض الكفاية.

وفي (صحيح مسلم) [1886] عن عبد الله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدَّين).

قال الآجري: هذا لمن تهاون بقضاء دينه، أما من استدان شيئًا وأنفقه من غير سرف ولا تبذير ثم لم يمكنه قضاؤه .. فإن الله تعالى يقضيه عنه.

قال الأصحاب: وليس له معه من السفر كما يمنع زوجته وعبده، بل يشغله برفعه إلي مجلس القاضي ويطالبه حتى يوفي.

ومحل ذلك: إذا لم يستنب من يقضي عنه أو استناب من يقضيه من ماله الغائب، فإن استناب من يقضيه من ماله الحاضر .. لم يلزمه الاستئذان.

قال: (إلا بإذن غريمه)؛ لرضاه بإسقاط حقه، فإن أذن له .. صار من أهل الفرض.

هذا في الغريم الجائز الإذن، أما ولي المحجور ومتولي الوقف .. فليس لواحد منهما أن يأذن في ذلك؛ لأن الحق ليس له.

قال الماوردي: وإذا سافر لا يتعرض للشهادة؛ بأن يقف أمام الصفوف، بل يقف في وسطها أو حواليها، وقال البندنياجي: إن ذلك يستحب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015