وَإِنْ أَمْكَنَ هَرَبٌ .. فَالْمَذْهَبُ: وُجُوبُهُ وَتَحْرِيمُ قِتَالٍ. وَلَوْ عُضَّتْ يَدُهُ .. خَلَّصَهَا بِالأَسْهَلِ مِنْ فَكِّ لَحْيَيْهِ وَضَرْبِ شِدْقَيْهِ, فَإِنْ عَجَزَ فَسَلَّهَا فَنَدَرَتْ أَسْنَانُهُ .. فَهَدَرٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فمات منها .. فعليه ثلث الدية.
ويستثنى من مراعاة التدريج: أنا رآه يولج في أجنبية؛ فله أن يبدأه بالقتل وإن اندفع بدونه, قاله الماوردي والروياني؛ فإنه في كل لحظة مواقع, فلو كان الصائل يندفع بالسوط والعصا ولم يجد الدافع إلا سيفًا أو سكينًا .. فالصحيح: أن له الضرب به, كما لو وجد الظافر غير جنس حقه.
قال: (وإن أمكن هرب .. فالمذهب: وجوبه وتحريم قتال)؛ لأنه ضرب من الدفع وهو مأمور بتخليص نفسه بالأسهل فالأسهل, والهرب أسهل الأمرين, ومثل الهرب الالتجاء إلى حصن أو قبة كما تقدم.
والثاني: له أن يثبت ويقاتل؛ بناء على وجوب الدفع.
والطريق الثاني: إن تيقن النجاة بهرب .. وجب, وإلا .. فلا؛ حملًا للنص على الحالين.
ومقتضى كلامه: أنه أنا قاتل مع إمكان الهرب .. لزمه القصاص أنا قتل, والذي صرح به البغوي لزوم الدية.
قال: (ولو عُضت يده .. خلَّصها بالأسهل من فك لحييه وضرب شدقيه, فإن عجز فسلها فندرت أسنانه .. فهدر)؛ لأن النفس لا تضمن في الدفع فكذا الأبعاض. وقال مالك: أنا سقطت الأسنان .. ضمنها, وكذلك أنا فك اللحيين.
واحتج الجمهور بما روى الشيخان [خ 6892 - م 1673/ 18] عن عمران بن حصين: أن رجلًا عض يد رجل فنزع يده من فيه فوقعت ثنيتاه, فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: (يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل! لا دية لك).
قال الشافعي: وسواء كان العاض ظالمًا أو مظلومًا؛ لأن العض حرام بكل حال, واليه أشار في الحديث بقوله: (كما يعض الفحل).
ولو أمكنة التخلص بضرب فيه .. لا يعدل إلى غيره, فإن لم يمكنه إلا ببعج بطنه أو فقء عينه أو عصر خصيتيه .. جاز على الصحيح.