بِشَرْطِ شَوْكَةٍ لَهُمْ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقاتل أبو بكر أولًا مانعي الزكاة، وعلي آخرًا أصحاب الجمل وأهل الشام وأهل النهروان.
قال الشافعي رضي الله عنه: أخذت السيرة في قتال المشركين من النبي صلى الله عليه وسلم، وفي قتال المرتدين من أبي بكر، وفي قتال البغاة من علي.
وقال المزني: أبو بكر يوم الردة، وعمر يوم سقيفة بني ساعدة، وعثمان يوم الدار، وعلى يوم صفين، وأحمد ابن حنبل يوم المحنة.
وفي الآية دليل على وجوب قتال البغاة، وأن الباغي لا يخرج عن اسم الإيمان بذلك- خلافًا للروافض- وعلى جواز الصلح في الحوادث والأحكام، وأن الباغي إذا رجع إلى الطاعة .. قبلت توبته.
وأطلق جماعة من الأصحاب القول بأن البغي ليس باسم ذم، وأن البغاة: قوم اجتهدوا فأخطؤوا وليسوا بفسقة.
وقال آخرون: هم عصاة وليسوا بفسقة، وليست كل معصية توجب الفسق.
وقال آخرون: البغي ينقسم إلى فسق وإلى ما ليس بفسق، وعلى الأول: التشديدات الواردة في الخروج عن طاعة الإمام محمولة على من خرج منها بغير عذر ولا تأويل، كقوله صلى الله عليه وسلم: (من خالف الجماعة قيد شبر .. فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه)، وكقوله صلى الله عليه وسلم: (من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة .. فميتته جاهلية)، الأول في (سنن أبي داوود) [4725] و (الحاكم) [1/ 77]، والثاني في (الصحيحين) [خ 6874 - م98]، والثالث في (مسلم) [1849].
قال: (بشرط شوكة لهم) أي: قوة وعدد يحتاج الإمام في ردهم إلى كلفة مال وقتال، فإن كانوا أفرادًا يسهل ضبطهم .. فليسوا ببغاة.
وشرط بعضهم في عددهم: أن يكونوا عشرة، وهو بعيد.
وشرط بعضهم: انفرادهم بموضع، وقيل: بطرف لا يحيط بهم جند الإمام.