إِنِ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فِي حَيَاتِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وسمي الجنين جنينًا، لاستتاره، ومنه الجن.
و (الغرة): النسمة من الرقيق، سميت بذلك، لأنها غرة ما يملكه الإنسان، أي: أفضله، وغرة كل شيء خياره.
وأما ما ورى أبو داوود [4568] عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (في الجنين غرة عبد أو أمة أو فرس أو بغل) .. فهي رواية باطلة وإن أخذ بها بعض السلف كعطاء ومجاهد.
وقال داوود: كل ما وقع عليه اسم الغرة يجزئ.
وروى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء، والفاكهاني في (شرح الرسالة) عن ابن عبد البر أنهما قالا: إن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بالغرة معنى زائدًا، ولو لم يرد معنى زائدًا .. لقال في الجنين عبد أو أمة، لكنه عنى البياض، فلا يقبل فيها إلا غلام أبيض أو جارية بيضاء، ولا يقبل فيها أسود ولا سوداء.
وقيل لأبي عمرو المذكور: متى يحسن المرء أن يتعلم؟ قال: ما دامت الروح في جسده، وكان نقش خاتمه (من الطويل):
وإن امرأ دنياه أكبر همه .... لمستمسك منها بحبل غرور
ثم إنما تجب الغرة الكاملة في جنين محكوم بإسلامه- تبعًا لأبويه أو أحدهما- وبحريته، لأن المحكوم بكفره والرقيق ذكرهما في آخر الفصل.
قال: (إن انفصل ميتًا بجناية في حياتها)، للحديث المتقدم.
والمراد بـ (الجناية): ما يؤثر في الجنين من فعل أو قول، مثل أن يضرب الحامل أو يؤجرها دواء أو غيره فتجهض جنينا، وكذا لو شربته هي لغير حاجة، أوطفرت طفرة خارجة عن عادة مثلها من الحوامل وكان مثلها يسقط الأجنة فأجهضته، فإنها تضمنه، وفي معنى الفعل: الترك الموجب للإجهاض، كما إذ منعها الطعام أو الشراب، أو امتنعت منه مدة يحصل الإجهاض في مثلها مع تمكنها من التناول حتى أجهضت، سواء كان ذلك بصوم أو غيره.