وَلَوْ تَبِعَ بِالسَّيْفِ هَارِبًا مِنْهُ فَرَمَى نَفْسَهُ بِمَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ مِنْ طَرَفِ سَطْح .. فَلاَ ضَمَانَ، فَلَوْ وَقَعَ جَاهِلًا لِعَمَىّ أَوْ ظُلْمَةٍ .. ضَمِنَ، وَكَذَا لَوِ انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ فِي هَرَبِهِ فِي الأَصَحِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال الرافعي: ويشبه أن يقال: الحكم منوط بالقوة والضعف لا بالصغر والكبر، والذي قاله صرح به صاحب (المهذب).
و (المسبعة) - بضم الميم وسكون السين-: الكثيرة السباع، واحترز بها عما إذا وضعه في مضيعة لا سباع فيها فاتفق أن افترسه فيها السبع .. فلا ضمان عليه قطعًا؛ إحالة للهلاك على اختيار الحيوان ومباشرته.
وقد يقال: احترز بها على زبية الأسد؛ فإنها يجب فيها القود في البالغ والصبي، وهذه مسألة صاحب (التنبيه) وغيره، وذكرها الرافعي في (الغصب).
قال: (ولو تبع بالسيف هاربا منه فرمى نفسه بماء أو نار أو من طرف سطح .. فلا ضمان)؛ لأنه باشر إهلاك نفسه عمدًا، والمباشرة مقدمة على السبب، وصار كما لو حفر بئرًا فجأة آخر ورمى نفسه فيها، وفي (الشرح) و (الروضة): أن هذا محله في البالغ العاقل، فلو كان المطلوب صبيًا أو مجنونًا .. بني على أن: عمدهما عمد أو خطأ؟ إن قلنا: خطأ .. ضمنه، وإلا .. فلا ضمان، وكل ما كان في معنى السيف كالسيف.
قال: (فلو وقع جاهلًا لعمى أو ظلمة .. ضمن)؛ لأنه لم يقصد إهلاك نفسه وقد ألجأه المتبع لذلك، لكن لو قتله آخر أو افترسه سبع في الطريق .. فلا ضمان بصيرًا كان أو ضريرًا، إلا أن يُلجئه إليه .. فإنه يضمن.
قال: (وكذا لو انخسف بع سقف في هربه في الأصح)؛ لأنه حمله على الهرب وألجأه إليه، ولو ألقى نفسه على السقف من عُلْوٍ فانخسف به لثقله .. فكإلقاء نفسه في ماء أو نار، ولا فرق في ذلك بين البالغ والصبي والمحنون على الأصح.
والثاني: لا ضمان؛ لأن السبب المهلك له لم يشعر به الطالب والمطلوب، فأشبه ما إذا اعترضه سبع فافترسه.