وَلاَ يَكْفِي سَتْرُ اَلْعَوْرَةَ. وَيُسَنُّ أَنْ يُنَاوِلَهُ مِمَّا يَتَنَعَّمُ بِهِ مِنْ طَعَامٍ وَأُدْمٍ وَكِسْوَةٍ وَتَسْقُطُ بِمُضِيَّ الزَّمَانِ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

برد غلامك وجمعته إلى بردك لكان حلة، وكسوته ثوبًا غيره؟ فقال: سأحدثكم عن هذا؛ إني ساببت رجلًا وكانت أمه أعجمية، فنلت منها، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكاني إليه، فقال لي: (أساببت فلانًا؟) فقلت: نعم، قال: (فهل ذكرت أمه؟) قلت: من يسابب الرجال ذكر أبوه وأمه يا رسول الله، قال: (فإنك امرؤ فيك جاهلية) قلت: على كبر سني؟! قال: (نعم، قال: (نعم، إنما هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده .. فليطعمه من طعامه، وليلبسه من لباسه، ولا يكلفه ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه .. فليعنه عليه) .. فهذا محمول على مكارم الأخلاق والندب، وجمله في (الأم) على أنه أتي جوابًا لسؤال سائل عن مماليكه، وكان حال الناس متقاربًا.

قال: (ولا يكفي ستر العورة)؛ لأن في ذلك احتقارًا وإن كان لا يتأذى بحر ولا برد.

ولو كانوا بناحية يقتصر أهلها على ستر العورة كأطراف اليمن والبحرين وبعض الحجاز .. وجب القطع بأجزائه كالأحرار منهم كما أشار إليه في (الوسيط) و (البسيط)، وإن كانوا لا يسترون .. فلا بد من ستر العورة؛ لأنه حق لله تعالى.

قال: (ويسن أن يناوله مما يتنعم به من طعام وأدم وكسوة) سيما إذا عالج الطعام وولي طبخه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا صنع لأحدكم خادمه طعامًا ثم جاءه به وقد ولى حره ودخانه، فإن لم يقعده معه .. فليناوله لقمه أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين) رواه الشيخان [خ 2557 - م1663].

والمعنى فيه: تشوف الناس لما تشاهده، وهذا يقطع شهوتها، وهل الأفضل الإجلاس معه أو هو مخير؟ فيه وجهان: وصحح الرافعي: أنه لا يجب شيء منهما وأن الأمر للاستحباب، وفيما قاله نظر، وظاهر النصر يقتضي ايجاب الإطعام، وأفهم قوله: (مما): أنه يكفي البعض، والمنقول: أنه لا بد أن يسد سدًا دون ما يهيج الشهوة ولا يقضي النهمة.

قال: (وتسقط بمضي الزمان) كنفقة القريب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015